الانتاج الاجتماعي للموئل

والحق في السكن الملائم

 

جوزيف شكلا، المنسق الإقليمي لشبكة حقوق الأرض والسكن، التحالف الدولي للموئل

تتنوع خبرات "الإنتاج الاجتماعي للموئل" من حيث الأهداف المرجوة، ومجال حدوثها، والوسائل المستخدمة في تنفيذها، تنوعاً يصعب معه التعامل بحالة من التعميم. ومع ذلك فعند وضع طبيعة الحركات الاجتماعية بشكل عام في الاعتبار، وعلى نحو خاص تلك الحركات الخاصة بالسكان المفقرين الذين انخرطوا في الإنتاج الاجتماعي للموئل، يبقى من الممكن استخلاص عدد من الملامح المشتركة. وبالتعامل معها كملاحظات أكثر من كونها استخلاصات محددة، نجد الخبرات التي نحن بصددها تشير إلى ما يلي:

1.      إن الحركات الاجتماعية وخبرات الإنتاج الاجتماعي للموئل ليس لديها نسيج أو تركيبة تلاحم ثابت/دائم/فردي، بل هي متحركة تفاعلية تمتد وتتوافق عبر الزمن؛

2.      إن خبرات الإنتاج الاجتماعي عادة ما تبدأ بتحركات فردية منفصلة قبل أن تتلاقى في النهاية في صيغة جماعية، تتميز بما يلي:[1]

 

‌أ.                   مؤيدون فاعلون عازمين على الترابط مع الأخرين في عملية تخطيطية مرنة،

‌ب.              عملية صنع قرار تشاركية تتضمن جميع الفاعلين،

‌ج.                تشخيص المشكلات بالاستناد إلى تعبير متفق عن الحاجات،

‌د.                  مشاريع تعبر عن شعور وفهم جماعي لما هو ممكن أو متاح،

‌ه.                   عمليات لإرساء التوافق وحل الخلافات،

‌و.                 بناء وتنفيذ جماعي لخطط التحرك.[2]

 

3.      أن السكان المفقرين يعتمودن في الغالب وربما أكثر من أي فئة اجتماعية أخرى على أنفسهم في العيش وتحسين ظروف معيشتهم؛

4.      أن العامة من الناس قادرين على القيام بتغييرات لا تحققها القيادة الكاريزمية أو سياسة الدولة ولا/ أو الثورات، ولكنها تؤثر بشكل إيجابي على تداول السلطة (مع عدم تساويها)في صالح الجماعات المهمشة والمفقرة والأكثر عرضة للتدهور؛[3]

5.      النقصان النسبي في التعليم والمهارات والاتصالات وغير ذلك من الفرص، يجعل تحركات الإنتاج الاجتماعي للموئل بمثابة المنهج الأكثر استدامة للتنمية الذاتية؛

6.      لا يحتمل موقف المجردين من حقوقهم أن يكونوا أيديولوجيين أو ذوي انتماءات فكرية؛ قد يكونوا مستقطبين أيديولوجياً، ولكن تحركات الإنتاج الاجتماعي للموئل تسعى وتقدم تحسين ملموس في ظروف المعيشة كمبدأ لازم؛

7.      أن حركات الإنتاج الاجتماعي للموئل لا تكون معنية بالضرورة أو مدفوعة باعتبارات سياسية كبيرة (في بعض الحالات، يعين علماء الاجتماع هذه الملامح كحقيقة واقعة  post facto))

8.      أن لغة المطالبة بالحقوق وجدت بقدر غير متساوي عبر خبرات الإنتاج الاجتماعي للموئل، بيد أنها تطور فيما يبدو مع التوضيح والتبلور وتبرير المصالح والأهداف الجماعية، خاصة عندما يتعرض المجتمع (وأماكن العيش فيه) للتهديد وتُعاق فيه تحركات الإنتاج الاجتماعي للموئل؛

9.      أن الحركات الاجتماعية، وخاصة حركات الإنتاج الاجتماعي للموئل تعزز المقرطة/التحول الديمقراطي محلياً وعلى مستوى أكثر اتساعاً؛[4]

10.    إن التنمية البديلة في حين أنها تبدأ بالضرورة على المستوى المحلي، "فبدون تعاون من الدولة، لا يمكن لكثير من الفقراء أن يتحسنوا بشكل ذو دلالة"؛ [5]ومن ثم، قد يكون من الأهمية التأكيد على أهمية إشراف الدولة على عملية التنمية.

11.    إن الدولة يمكن أن تلعب دوراً بناءاً أكثر في تنسيق الوظائف (لاحترام/ وحماية وإعمال الحقوق) وتسهيل الإنتاج الإجتماعي للموئل؛

12.    إن مؤسسات الدولة تنال شرعية محلية ودولية من خلال الإيفاء بالتزاماتها بحقوق السكن عندما تلعب دوراً ميسراً في تأييد الإنتاج الاجتماعي للموئل.

بهذه الملاحظات نبدأ اكتشاف الأرضية المشتركة بين كل من الإنتاج الاجتماعي للموئل والحق الإنساني في السكن الملائم ليس فقط في طبيعة الأهداف الخاصة بعملية الإنتاج الاجتماعي للموئل، بل أبعد من ذلك أيضاً، في التعبير عن القيم والمطالب. وهذا القسم من موقع الشبكة إنما يحاول بادئ ذي بدء تعريف محتوى حقوق السكن فيما ورد من الخبرة التي وقعت في سياق الإنتاج الاجتماعي للموئل، سواء كان تعامل الفاعلون معها على هذا النحو أم لا. وفي هذا الإطار، ينبغي أن نكون قادرين على تقدير المزايا لجميع الأطراف المعنية في التعويل على إطار حقوق السكن في عملية الإنتاج الاجتماعي للموئل. حيث يخلص هذا البحث إلى افتراض مفاده أن حقوق الإنسان- وخاصة الحق في السكن الملائم- والإنتاج الاجتماعي للموئل متناسجان لا ينفصلان عن بعضهما البعض. وبالرغم من أن الإنتاج الاجتماعي للموئل وحقوق السكن ليسا بشيئين جديدين بالنسبة لمعظم المناطق، إلا أن تضمين الدروس والتكنيكات لكلا التخصصين يمكن أن يوفر استراتيجيات جديدة لتناول مشكلات التنمية المعاصرة والمآزق السياسية، خاصة تلك التي تصاحب العولمة الاقتصادية.

الإنتاج الاجتماعي للموئل يُظهر حاجات وحقوق مميزة:

تتتسم الحركات الاجتماعية الجديدة عموماً بتعبيرها عن هوية متميزة ومغزى عميق، في تتبعها لهدف أو تحقيق مصلحة.[6] وبعض أشكال الحركات الاجتماعية تعرض لتعبير أقل شفهية وأكثر عملية. والإنتاج الاجتماعي للموئل يمثل واحدة من فئات خبرة الحركات الاجتماعية التي غالباً ما تشدد على الأعمال والصنائع أكثر من الكلمات، ويكون الفاعلون الرئيسيون فيها محليين، وذلك دونً عن تبني أو تكييف مفاهيم وقيم وأهداف نشأت خارج المجتمع. ومع ذلك، فإن التعبير الذي يأتي عبر هذه الخبرات يشكل لغة مشتركة على نحو مذهل تعكس حاجات وقيم مشتركة تشمل السعي إلى حياة يكتنفها الكرامة.[7] والكرامة الحقيقية لكل إنسان هي القيمة الجوهرية التي تصبح في نهاية المطاف محفوظة ومترجمة في قانون حقوق الإنسان.

في حركات الإنتاج الاجتماعي للموئل يأخذ الإنجاز الذاتي المتحايل على الواقع مكان الأولوية، وذلك في غالب الأمر رغماً عن تلك السلطات والمؤسسات والأجهزة العامة التي تعد نظرياً ملتزمة في ظل قانون حقوق الإنسان بتأمين هذا الإنجاز (على سبيل المثال، السلطات المحلية والمركزية أو الوزارات أو حتى مخصصات الموازنة). وحركات الإنتاج الاجتماعي للموئل إنما تملأ الفجوات التي تخلفها الدولة (بصفتها صاحبة الواجب أو المسئولية) بإخفاقها في "احترام، وحماية، وإعمال" حقوق الإنسان، خاصة الحق الإنساني في السكن الملائم وما يرتبط به من حقوق.

ورجوعاً إلى الأسباب والخلفيات الأصلية للفاعلين في الإنتاج الاجتماعي للموئل تلك المنطلقة من مبادرات متفرقة بل وفردية، فإنهم في غالب الأمر يجدون أنفسهم مستجيبين تكتيكياً لـ "نسق من الفرص"[8]  بدلاً من تنصيب إطار قانوني أولاً لرفع مطلب مبدئي في سبيل إعمال حقهم. وتوضيح تلك الحقوق، بنفسها لنفسها، تتجلى في مراحل متقدمة من مراحل حركات الإنتاج الاجتماعي للموئل، وذلك كتوضيح جماعي في عمومه، أو تخطيط بديل، جملة وتزامناً، يتطلب عملية قصدية للتطوير. وحتى في عدم وجود خطة مسبقة للانخراط في استراتيجية تقوم على حقوق الإنسان و/أو التحرك المباشر، فإن تلك العمليات التكنيكية قد تتم كرد فعل لعوامل أخرى محركة (عادة ما تكون خارجية).

والإنتاج الاجتماعي للموئل غالباً ما يتضمن "أشكال يومية من المقاومة."[9] والقائمون بهذه المقاومة من الطبيعي يبررون تحركاتهم بمطالب ذات صلة بالأمر، عندما يتطلب الأمر ذلك. وفي مثل تلك المواقف، يتقاسم الفاعلون في الإنتاج الاجتماعي للموئل مطالبهم استناداً أو وفقاً لمبدأ أخلاقي يتعلق بالحاجة، لكنهم أيضاً قد يدعمون هذا المبدأ بمطلب أو دعوة "لحق" يكون أصله وقوته في القانون المفعل. وهذه المطالب تتبع دائماً عملية يتوصل فيها أعضاء الجماعة أو المجتمع المعني إلى اتفاق على الأهداف والاستراتيجيات بعد تدخل لرفع الوعي يتضمن شركاء متخصصين في حقوق الإنسان والقانون.

وخبرات الإنتاج الاجتماعي للموئل التي تضع مطلباً بحقوق معينة هي تلك الخبرات التي تتضمن فاعلين يعملون في الأساس داخل إطار حقوق الإنسان ويستخدمون أدوات من الحجة والدفوع تثير العمل بالقانون، وتشمل معايير عالمية متضمنة في معاهدات حقوق الإنسان التي صادقت عليها الدولة. وهؤلاء هم في الأرجح متخصصين مكانهم الأساسي غالباً ما يكون خارج المجتمع المضار ولكنهم يقومون بالتحالف مع أفراد ذلك المجتمع أو الجماعة. وسواء قدم هؤلاء الفاعلون لغة حقوق الإنسان في مرحلة مبكرة أم لا، فإن معظم الخبرات المكتملة أو الناضجة في الإنتاج الاجتماعي للموئل مثلها مثل معظم الحركات الاجتماعية عموماً تجد فرصتها في تداول وتعميم لغة الحقوق والحريات في مرحلة ما من مراحل تطورها. وهذه المطالب الحقوقية غالباً ما تكون مستدامة أو متواصلة عندما تكون قائمة على حقوق موجودة بالفعل وفي الأساس (أي مقننة) أكثر من المطالبة بحقوق جديدة تفتقد لأساس قانوني أو شرعي. فمثل هذا الوضع سيجعل المطلب معرضاً للنزاع من قبل جهات مناوئة أو خصوم يظهرون ومعهم أكثر مصداقية في لكون القانون في صفهم.

وبالرغم من ذلك، هناك خبرات استطاعت فيها الحركات الاجتماعية بما فيها الإنتاج الاجتماعي للموئل، تعميم وتدويل لغة الحقوق بتأثير بلاغي ولكن بدون تدعيم المطلب بقانون موجود أو التزام معترف به يلزم المؤسسات والسلطات المستهدفة. أما الاستخدام البلاغي الصرف للغة حقوق الإنسان بدون قاعدة قانونية ملزمة يمكن أن يشكل ضرراً على المستوى التكتيكي حيث يطالب الفاعلون في الإنتاج الاجتماعي للموئل بحق فعلي بدون مقدرة على تحديد ما يتعلق بهذا الحق من الأمور التالية: (1) المصدر الملزم قانونياً، (2) المحتوى المعياري (3) الالتزامات ذات الصلة، (4) أصحاب الواجب. وبالمثل يمكن لأصحاب التحرك في الإنتاج الاجتماعي للموئل أن يفقدوا مطلبهم العام مقابل "حق" بلاغي أو كلامي لا يوجد في أية آلية قانونية، مثل ما ينطبق حتى الآن على "الحق في المدينة" "right to city".

وكل من هذين التصورين- أي عدم القدرة على تدعيم الحق أو المطالبة بإعمال قيمة ما بصفتها "حق" من الحقوق دون ما يوافقها من أساس قانوني- يضعف موقف الحركة أمام السلطات والناس بشكل عام. علاوة على أن إظهار عناصر حق فعلي من الحقوق يكون مطلوباً وضرورياً قبل التأكيد على وقوع "انتهاك" لذلك الحق. وهذه الأضرار يمكن تجنبها بتنمية استراتيجية للقدرات، دون الاقتصادر على التشبيك المتجاوز لأفراد المجتمع من أجل مصادر حقوقية (محامين، ونشطاء، ومنظمات غير حكومية وأطراف سياسية، الخ.) وأيضاً (1) نقل مهارات الدفع القانوني أو المحاجة القانونية القائمة على حقوق الإنسان إلى القائمين بالإنتاج الاجتماعي للموئل، أو (2) يتم إرجاع هذه الدفوع أو الحجج إلى القائمين بالإنتاج الاجتماعي للموئل من خلال تقسيم للعمل بين الفاعلين في المجتمع وأطراف اخرى متحالفة معهم.

وهذا التوضيح والتفصيل يكون له تأثير بالغ في ملازمته للدفوع العملية والتكتيكية لحل المشكلة والتي تكون ملائمة للحاجات والخصوصية المحلية. وكما تبين في كثير من الأمثلة المحلية، نجد أن الاستراتيجية المصاحبة لمقاربات "تقوم على تلبية الحاجات" أو "إعمال الحقوق" تدعم المعنى والقيم لكل منهما. ذلك أن تلك الخبرات للإنتاج الاجتماعي للموئل تفسر زيف إهدار الموارد في الحفاظ على الفصل بين "الحاجات" و"الحقوق" بعيدة عن بعضها البعض، حاصة أن الاثنان يتشاركان أصول أخلاقية في مفهوم الكرامة الإنسانية.

وهذا أيضاً لا يعني أن عملية الإنتاج الاجتماعي للموئل والقائمين بها يملكون المواد الخام الضرورية وبفاعلية للمطالبة بإعمال حاجاتهم بصفتها حقوق. والفصل الزائف أو المصطنع بين الحاجات والحقوق تظهر بشكل نموذجي من مقاومة "المتخصيين" المنتفعين بشكل أو بأخر، ولكنهم متخالفين ظاهرياً مع المجتمعات المتصارعة. ومن بين الدروس المنيرة أو المرشدة لعمليات الإنتاج الاجتماعي للموئل أن تكون الحاجات المطلوبة والحقوق المزعومة كأهداف للإنتاج الاجتماعي للموئل مرتبطة عضويا ببعضها البعض مع عناصر محددة على نحو قانوني من عناصر الحق الإنساني في السكن الملائم وأهداف الناس في التنمية الذاتية.

والحجة التي تجد طريقها في تراث حقوق الإنسان، بما في ذلك التراث القانوني، تستلهم وجودها من نضالات حقوق الإنسان والاتساق الواضح للمطالب عبر الحدود والزمن. وحركات الإنتاج الاجتماعي للموئل، بطبيعتها، تمثل مبادرات لحل المشكلات، إذا ما كانت تسعى أيضاً لحل مشكلات يومية بطرق بديلة؛ أي بدون سيطرة المؤسسات الخارجية. وتتويجاً لقرون من تراكم الخبرات الإنسانية في شكل اتفاقات متعددة الأطراف فقد تطورت معايير حقوق الإنسان هي الأخرى وتم تقنينها كلزوميات لمعالجة المشكلات والوقاية منها. وبمراجعة أيضاً اللزوميات الخاصة بحقوق السكن والمتعلقة بحركات الإنتاج الاجتماعي للموئل ومطالبها، نجد الفرق الأساسي بين الاثنين كامناً في أن قانون حقوق الإنسان هو في الأساس ملزم، بالرغم من أنه قد يكون مكتوباً بلغة مقصود بها التطبيق على مستوى واسع. وحركات الإنتاج الاجتماعي للموئل تقدم الخصوصية المطلوبة للتطبيق المحلي لالتزامات حقوقية موجودة بالفعل فيما يتعلق بحقوق السكن والتي بدورها تساهم في البلورة الأدق والأوسع لمحتوى حقوق الإنسان ومعنى الالتزامات المرتبطة بها لدى أصحاب الواجب.

أهداف عامة:

إن تطبيق إطار حقوق الإنسان يتلاقى وعلة مشتركة مع خبرة الإنتاج الاجتماعي للموئل في سعي كل منها عن:

1.      إعادة توزيع للسلع والفرص الاجتماعية عن طريق "التحسين الدائم لظروف المعيشة"[10] و"التحقيق المتدرج"[11] لتلك التحسينات؛

2.      استعادة المساحة السياسية بين الدولة والعوامل الأخرى المسيطرة بتنفيذ مفاهيم من تقرير المصير المحلي[12] والحق في المشاركة [13]كمواطنين مكتملي الحقوق؛

3.                 أن يكون سلوك الجهات الحاكمة متسقاً مع الهدف الأول والثاني.

في إطار هذه المعايير القياسية العريضة تأتي دائماً عملية تطوير الخصوصية بالنسبة لما تقوم به الدولة والأطراف الأخرى (بما في ذلك الشركات) لتحقيق هذه الأهداف. والحركات الاجتماعية، خاصة حركات الإنتاج الاجتماعي للموئل، تشكل أحد المصادر المهمة لحقوق الإنسان والحق في السكن الملائم من خلال وضع الأولويات وأيضاً التنفيذ. وبصرف النظر عما إذا كان القائمون على الإنتاج الاجتماعي للموئل يؤكدون بقوة على مطالبهم، أو يبررون هادئين تحركاتهم القائمة على مبدأ أخلاقي لضرورة إنسانية (بغرض عيش حياة كريمة) فإن كلامهم وتحركاتهم قد أصبحت المحتوى الفعلي المؤكد للحق الإنساني في السكن الملائم وما يتعلق به من إرشاد وتوجيه فقهي. وهذه الحقوق والتأكيدات تأخذ خصوصية عملية في خبرات الإنتاج الاجتماعي للموئل المتجمعة على مستوى التحالف الدولي للموئل.

إن كفاح جماعة "لانجوس" ضد الإزاحة القسرية في "مانيلا"، يجد "جمعية الفقراء الحضر" Urban Poor Association (UPA),  إحدى المنظمات غير الحكومية المحلية "تعمل على تعضيد عزم الناس في التأكيد على حقوقهم ومصالحهم.[14] وهي دراسة حالة تكشف عن أن المجتمع والجمعية قد عملوا قاصدين "الدفاع عن حقوق المستأجرين."[15] وفي بيرو أثناء فترة الوفاق الداخلي 1983-1991 كانت معظم المنازل التي يبلغ عددها 121.249 قد بنيت بواسطة "القطاع الاجتماعي،"[16] وفي الفترة من 1993 إلى 1996 نما ما لا يقل عن 700 مستوطنة غير رسمية في "ليما" وحدها.[17] وبعد ذلك بخمس سنوات، وفي سياق الحملات العالمية لمنظمة الموئل التابعة للأمم المتحدةUN Habitat  حول أمن الحيازة والحكم الحضري، والتي تصادفت مع بعثة المقرر الخاص إلى بيرو بشأن الحق في السكن الملائم،[18] أكدت حملة شعبية على "الحق في سكن آدمي للجميع." وقد كان لهذه الحملة أهداف بعيدة المدى، تشمل إصلاح دستوري لاستعادة "الحق في السكن"[19]

كذلك مثلت الحركة التعاونية “Unión de Palo Alto”  في "مكسيكو سيتي" كفاحاً حضرياً للبقاء في المدينة كمسألة "حق." وفي المناداة والإفصاح عن هذا الحق، أكد السكان أيضاً على "حقهم في الأرض" بالرغم من أنهم لم يثيروا ظاهرياً الحقوق المنصوص عليها في القانون والمطلوبة لدعم هذا الحق.[20] ومع ذلك فقد ظل مطلبهم "مصدراً شعبياً" يعطي المعنى للأرض كمصدر أساسي من مصادر السكن، وكعنصر من عناصر "السلع البيئية" المنصوص عليها بالفعل في القانون كحق مخول وفقاً للحق الإنساني في السكن الملائم، والأرض "كحق آخذ في التبلور."

وفي حالة "لوس كورتاديروس" Los Cortaderos  في "كوردوبا" بالأرجنتين تضمنت تجربة الإنتاج الاجتماعي للموئل وجود اتحاد المنظمات القاعدية Unión de Organizaciones de Base por los Derechos Sociales (UDBDS). وأظهرت التجربة المطالبة بالحق متضمناً ذلك في الاسم نفسه للمنظمة غير الحكومية المذكورة، كما تمخض أيضاً عن عملية من الشجب (للـ "انتهاكات") وبناء القدرات لتمكين الناس من معرفة حقوقهم والتزاماتهم.[21]

خبرات من هذا النوع مثل أيضاً تجربة “Coopération Féminin pour la Protection de ’Environnement,” في "بامباكو" بدولة "مالي" استشهدت بالحقوق في معظم التعبيرات العامة ولكنها حددت جهودها لتوفير مياه الشرب النقية والصرف الصحي للمنطقة كتحرك في سبيل الدفاع عن "حق السكان."[22] وفي حالة صندوق القروض الدوارة Revolving Credit Fund  لتمويل التعاونيات السكنية في "ريو دي جانيرو" (بالبرازيل)، حيث قامت Fondacão Centro da Defesa dos Dereitos Humanos Bento Runião  بتطبيق أدوات القدرة على تحمل الأعباء المالية لتأمين ممارسة السكان لحقوقهم.[23] وكانت خبرة الإنتاج الاجتماعي للموئل في هذا الصدد متمثلة في “Programa de Desarrollo Urbano y Habitacional en la Reserva Territorial de Xalapa” (بالمكسيك)، وهي جماعة قدمت حقها في السكن بالرجوع إلى أو الإشارة إلى مصدره كمادة محددة من مواد الدستور المكسيكي.[24]

وبالمثل، جاءت لغة حركة الإنتاج الاجتماعي للموئل في Barrio Santa Rosa de Lima, Santa Fé  (بالأرجنتين) مطالبة بحزمة من الحقوق ذات الصلة بقضيتهم، خاصة حقوق الملكية والحيازة الآمنة لسكان Barrio Santa Rosa de Lima.[25]  وكذلك أيضاً كانت حالة “Programa de Desarollo Local y Communitario Tá Rebocado,”  في  Salvador de Bahía(بالبرازيل) التي تضمنت العمل الجماعي للسكان في مطلب جماعي "بالحق في الملكية"[26]

في حين ضربت قرية "سوادا" في صعيد مصر مثالاً لكفاح المجتمعات والجماعات المفقرة لتحقيق الاعتراف بحقهم في البقاء. حيث كانت عائلات كثيرة تعيش على أراضي مملوكة للدولة ومن منطلق الدافع لتغيير وضعهم قاموا بتقديم التماسات قانونية بالتوازي مع مشروعات لقروض صغيرة في ممارسة للحق في حيازة آمنة أحد عناصر الحق في السكن الملائم.[27]

كذلك صارت الأرض كسلعة عامة، وأيضاً كموضوع لحقوق الحيازة التقليدية، جزءًا من الكفاح الذي قام به "المجلس الإقليمي للقرى غير المعترف بها في النقب (إسرائيل) على مدى العقد الماضي. حيث ركزت الحملة التي قاموا بها من أجل إعالة وتطوير مآواهم على مطلب حقوق المواطنة المتساوية والتزامات الدولة لتلبية المعايير الدنيا من الحكم.[28] وقد أخفقت الدولة بشكل واضح وأساسي في هذه الحالة، حيث كان للأمر عواقب سلبية فيما يتعلق بمزاعمها حول الديمقراطية وذلك بتأسيس "جنسية يهودية" منفصلة كمعيار أو محك للمعاملة التميزية في الخدمات ونزع الملكية للشعب الأصلي.

وفي حالتهم هذه، لا يتعلق الكفاح أو النضال فقط بهذه الحقوق المحددة والعناصر الخاصة بالحق في سكن ملائم، بل أنه يثير أيضاً التزامات الدولة التعاقدية في تطبيق عدم التمييز كمبدأ للتطبيق. في حين أن النموذج الكبير في الانتهاكات ليس له امتداد أو صدى في المحاكم "المؤدلجة" أو المتبنية لفكر خاص والتابعة للدولة، وأصبحت حالتهم أمام الهيئات التعاقدية الدولية مصدراً للاعتراف القانوني بحقوقهم بما في ذلك "الحق في الأرض الآخذ في المتبلور." [29]

 

وكانت الصلاحية للسكن في البيئة المعيشية قضية أو هم أساسي ومحوري للسكان وأيضاً للهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية  (CEOSS) في القاهرة القديمة. وقد ركزت "مبادرة قرية الفواخير بالفسطاط لتحديث القاهرة القبطية" على الصحة والبيئة الصحية كحقوق إنسانية وليست كونها مجرد موضوع للتدخل الخيري. ويثير السجل الخاص بهذه الخبرة القانون المحلي رقم 4 للحماية البيئية لعام (1994) كأداة لتحديث الأحياء القديمة. في حين أن لجنة الأمم المتحدة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية قد راجعت وشجبت الإخلاءات القسرية التي قامت بها محافظ القاهرة سابقاً ضد سكان الفسطاط كانتهاك لالتزامات التعاقدية لحقوق الإنسان على الحكومة المصرية. [30]

أما تجربة الإنتاج الاجتماعي للموئل لجمعية "أبناء وادي ضانا" في الأردن فهي تعد تدريباً عملياً على الحق في تقرير المصير المحلي كوسيلة نحو إدرك الحق في السكن الملائم من بين حقوق اقتصادية واجتماعية وثقافية أخرى. فقد أصر المجتمع المحلي على صيانة السلع والخدمات البيئية الطبيعية بطريقة محلية بطريقة خدمت حاجات أوسع في سياق التنمية الاجتماعية.[31]  وفي هذه الحالة من الإنتاج الاجتماعي للموئل لم يرجع المجتمع المحلي إلى اتفاقيات حقوق الإنسان التي صادقت عليها الدولة، على الأقل لم يحددوا علانية الحقوق المحددة المعنية. ومع ذلك فقد تناولوا حقوق متجسدة في العرف ووضعوها على محك الاختبار كضمان لاحترام وحماية وإعمال الحقوق مع توضيح الخصوصية المحلية.

أما حي "صفط اللبن" أحد أحياء الجيزة في مصر، فقد كافح أهاليه وتفاوضوا وأخيراً استثمروا مواردهم الخام بغرض إعمال حقوقهم في السكن وحقهم أيضاً في الحصول على مياه الشرب والصرف الصحي كسلع وخدمات عامة. وتجدر الإشارة هنا إلى أن الدولة وأيضاً السلطات المحلية في هذه الحالة تتحمل التزاماً بإيفاء هذا الحق، وفق ما جاء من توضيح من قبل المركز المصري لحقوق السكن. وكان هذا المنطق قد قُدم كمطلب مثل أحد أدوات التفاوض مع السلطات المحلية مما أفضى إلى حل عملي للمشكلات الخاصة بإعمال الحقوق، وهو ما يعد من تخصص المركز المصري لحقوق السكن.[32]

وسواء كانت حركة الإنتاج الاجتماعي للموئل تفصح عن الحقوق كما بينا أم لا فإنها في الغالب مسألة تطور. ومع ذلك، فإن إنكار حقوق السلع والخدمات الاجتماعية يظهر كدافع أساسي ونموذجي لحركات الإنتاج الاجتماعي للموئل الساعية لتنمية بديلة تشمل الهجرة الحضرية. على سبيل المثال، في إيران ما قبل وبعد الثورة، تم تتبع حركات الإنتاج الاجتماعي للموئل كرد فعل على إهمال الاستثمار الريفي في الخدمات؛ كما يبين مسح عام 1984 لأقليمي "هامازان"Hamadan  وأصفهان" الذي أفاد أن 85% من المهاجرين الفقراء قد تركوا قراهم بسبب انخفاض الدخل وعدم الحصول على القدر الكافي من المياه ومساحة الأرض.[33]

أما تخطيط المدن والديمقراطية في باريس فهو برنامج نشأ عن مطلب "الحق في المشاركة" كحق أصيل، ومن ثم على الجانب الأخص "لتخطيط وإدارة الأحياء الحضرية."[34]  وبالمثل، اشتملت لغة حركة الإنتاج الاجتماعي للموئل في Barrio Santa Rosa de Lima, Santa Fé بالأرجنتين على مفاهيم المواطنة والحق الملازم لها في المشاركة الكاملة.[35]

وفي موقف مقابل، كان للمطلب الشعبي بالحق في المشاركة معنى ودافع موازي. في حالة أخذت عنوان "المشاركة في توفير الخدمة المجتمعية في أنجولا ما بعد الحرب" تعتد بتوفير المياه والصرف الصحي للمجتمعات الحضرية الفقيرة، حيث يوجد ما يزيد عن 80 % من هؤلاء السكان بدون حق قانوني واضح في الأرض التي يشغلونها ويدفعون في المقبل ثمناً باهظاً مقابل خدمات أساسية دون المستوى الملائم. وكان من بين التحديات الكبرى للتنمية ما بعد الحرب في أنجولا تعزيز الاحتواء الاقتصادي الاجتماعي بما يكفل حقوق الفقراء من الحضر ويعطي الفرصة لظهور القيادة المدنية.[36]

حتى في سياق الزراعة الشعبية الحضرية، على سبيل المثال، يقوم ملتقى "نيروبي والبيئة والغذاء والزراعة والماشية" “Nairobi and Environs Food, Agriculture and Livestock Forum (NEFSALF) بتتبع فكرة الحرية السياسية على اتساع إدراكها من قبل الناس. ويسعى المجتمع المحلي إلى تطوير موئلهم المحلي في حين يطالبون بحقوق مدنية وفرص لحديد من سيحكمهم وعلى أي أسس.[37]

وقد شهدت نهاية الديكتاتورية العسكرية في الأرجنتين نمواً سريعاً في الإنتاج الاجتماعي للموئل. وترجمت الأحياء العشوائية المتفرقة قيم الديمقراطية على أرض الواقع بأنها "حق في الاستقرار." وفي حين أن مطلب كهذا من أجل تحقيق حقوق معينة له امتدادات وسوابق في التطبيق الدولي على اللاجئين والأشخاص النازحين وأيضاً على الحق الإنساني في حرية التنقل، فقد عكس أيضاً "خطة التنظيم" المحلية التي تبنتها السلطة التشريعية المحلية، لكنها لم تنفذ أبداً على المستوى الفعلي.[38]

وبفضل الطبيعة الخاصة والممتدة طويلاً للكفاح في جنوب إفريقيا، فإن عملية السكن للناس في حالة " Vosloorus Extension 28”  تقدم نموذجاً لإنتاج الاجتماعي للموئل تبين مجتمع مطالب بعدد من القيم الخاصة بالسكن والموئل بصفتها "حقوق" وهي إنما تجذر هذه المطالب في أدوات وآليات متنوعة محلية وإقليمية ودولية من آليات حقوق الإنسان. وقد يسرت منظمةPlanact  غير الحكومية الداعمة حصول الفقراء الحضر على إعانات السكن وتخطيط وتنفيذ عملية سكن الناس كوسيلة عملية لتدعيم أجندة البيئة الصالحة للسكن ومن ثم إعمال الحق الإنساني في السكن الملائم.[39] علاوة على انه في إثارة الدستور الديمقراطي لجنوب إفريقيا كمصدر من مصادر الحق في السكن الملائم والالتزامات المتعلقة به على الدولة[40] أوضحت منظمةPlanact  أيضا مطلب الفقراء الحضر لحقوقهم المتساوية في المشاركة بصنع القرار والتكافؤ في الدور الاجتماعي وحقوق الوراثة للأطفال.

الإنتاج الاجتماعي للموئل وعدم تجزأ الحقوق

تجسد بعض حركات الإنتاج الاجتماعي للموئل فعلياً مطالب متزامنة وتلقائية لعدد متنوع من الحقوق. وبتطبيق الحاجات الخاصة بمجتمع وفق بناء من المطالب، يصبح من الواضح أن توابع أو نتائج حق من حقوق الإنسان تؤثر لا محالة على حقوق وقيم أخرى. وكما ذكرنا ما وقع بالفعل في حالات باريس، وبيونس أيرس ونيروبي، فإن المطلب الخاص بالحق في السكن الملائم يثير أيضاً الحق في المشاركة، وحقوق يجب تحقيقيها على نحو متزامن. وفي خبرات أخرى من النضال لتلبية الحاجات الخاصة بقطاع اجتماعي، قد نجد حقوق السكن مصحوبة بجدول أعمال من المطالب وجميع الحقوق المعنية أو المرتبطة التي تطبق على الأطفال أو المرأة أو الأقليات.

وتعتبر حملة توفير مأوى ملائم يمكن تحمل أعباءه المالية من خلال الجمعيات التعاونية في "دار السلام" وفي "دودوما" بتنزانيا،  حالة دالة على هذه النقطة. فتركيز صندوق تقدم المرأة، Women’s Advancement Trust  تلك المنظمة الناشطة في هذه الحالة، سعت لتطبيق الحق في المساواة في الدور الاجتماعي للجنس وأيضاً الحقوق الخاصة بالمرأة في الأرض والسكن.[41] وفي البرازيل تناول "برنامج Tá Rebocado  للتنمية المحلية والمجتمعية" كل من السكن والتعليم والعمل كحقوق مترابطة بين بعضها البعض من حيث النضال من أجلها، وأيضاً في سياق الإنتاج الاجتماعي لهذه الحقوق وأشكال أخرى من حماية للأطفال.[42] وفي مصر لم تسفر مبادرة تحديث الظروف المعيشية "لقرية الفواخير بالفسطاط" فقط عن إعمال الحق في الصحة والبيئة الصحية في ارتباطها بالحق في السكن الملائم، بل أيضاً استطاع المجتمع والمنظمة غير الحكومية الشريكة بلورة جهودهم في خدمة حق الناس في العمل.[43] وكذلك خبرة الإنتاج الاجتماعي للموئل في وادي ضانا بالأردن بدأت بمبادرة للإدارة الذاتية للبيئة الطبيعية، ولكنها اتسعت لرؤية أكثر تاريخية تضمنت حزمة من الحقوق التي تشكل الحق في التنمية.[44]

إن الإنتاج الاجتماعي للموئل يمكن أن يجر المشارك إلى مأزق من الحقوق المتنافسة. ففي حين كان الفقراء الحضر في مانيلا يطالبون بحقهم في السكن الملائم، رد أصحاب الأراضي بالمطالبة بحقهم في "الإخلاء" استناداً إلى القراءة الضيقة للقانون المحلي دون المؤهلات الضرورية الناشئة عن حقوق الإنسان.[45] وقد دفع هذا الوضع المجتمع لتطوير حجج مضادة بسند قانوني للتأكيد على حق أعلى في البقاء والتمتع بأمن الحيازة، وهو حق من حقوق الإنسان في السكن الملائم.

والحالة الخاصة بمعسكرين من معسكرات اللاجئين الفلسطينيين في سوريا تؤكد على سياق محدد وخاص للإنتاج الاجتماعي للموئل وتطبيق الحقوق على مجتمعات طال ازاحتها، كما أنها تمثل حالة مركبة من نوع مختلف. أن اللاجئين يطالبون بحقوق في الانصاف القوانين الجنائية لنزع الملكية. ومع ذلك فإن الدينماكية الفريدة بين مطالب الحقوق تضع تلك الحقوق الأصيلة في العودة والتعويض، والتي طالما أنكرت على أصحابها، في مقابل الحاجة الإنسانية المباشرة والفورية للجميع في سكن ملائم. والتوفيق الدقيق بين الحقوق كان قد تحقق بالنسبة للإرضاء المتعدد للأطراف المعنية، بالرغم من كونه مؤقت. ولكن ما زال هناك مستوى من الحقوق الأساسية في انتظارالتحقق.

تأملات في الأساس القانوني للحقوق التي طالبت بها حركات الإنتاج الاجتماعي للموئل

المرة الأولى التي أشارت فيها اتفاقية متعددة الأطراف إلى "الحق الإنساني" في السكن الملائم كانت عام 1948 في الإعلان العاملي لحقوق الإنسان. فالمادة 25 من الإعلان تعترف بمبدأ أن "لكل شخص حق في مستوى معيشة يكفى لضمان الصحة والرفاهة له ولأسرته، وخاصة على صعيد المأكل والملبس والمسكن والعناية الطبية وصعيد الخدمات الاجتماعية الضرورية."ومع ذلك فبصفته إعلاناً وليس معاهدة فإن هذا الاعتراف بالمبدأ لا يحمل النزامات قابلة للتنفيذ على الدول.

أما أول آلية أو أداة قانونية ملزمة لضمان الحق في السكن الملائم فكانت الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري والتي تبنتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 1965. وهي تنص على الحق  السكن الملائم في المادة رقم 5، فقرة (هـ) (3)، هكذا:

تتعهد الدول الأطراف بحظر التمييز العنصري والقضاء عليه بكافة أشكاله، وبضمان حق كل إنسان، دون تمييز بسبب العرق أو اللون أو الأصل القومي أو الإثني، في المساواة أمام القانون، لا سيما بصدد التمتع بالحقوق التالية:.. (ج) الحقوق السياسية، ولا سيما حق الاشتراك في الانتخابات ـ اقتراعاً وترشيحاً ـ على أساس الاقتراع العام المتساوي، والإسهام في الحكم وفي إدارة الشؤون العامة على جميع المستويات، وتولي الوظائف العامة على قدم المساواة...   (هـ) الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، خاصة "3" الحق في السكن..."

وفي عام 1966 تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة وفتحت الباب للتصديق على العهدين الدوليين اللاذان يغطيان عدد من حقوق الإنسان وما يقابلها من التزامات من قبل الدولة. وفي الوقت الحالي هناك 148 دولة طرف في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والذي ينص في المادة 11 (1) على الآتي: "تقر الدول الأطراف في هذا العهد بحق كل شخص في مستوى معيشي كاف له ولأسرته، يوفر ما يفي بحاجتهم من الغذاء والكساء والمأوى"

ولا يعطي هذا الموضوع في حد ذاته ما يكفي من إرشاد حول مضمون الحق، أو ما يخوله فيما يتعلق بإعمال الدولة لالتزاماتها فيما يتعلق باحترام وحماية الحق الإنساني في السكن الملائم والدفاع عنه. ومن ثم، فقد طورت الجهة الراصدة لتطبيق الاتفاقيات من التوجيه القانوني للدول الأطراف، بناء على المشكلات والحلول الناتجة عن الفقه الدولي تحت العهد الدولي. وفي تحديد العناصر الأساسية "للسكن الملائم" كحق إنساني، تبنت اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التعليق العام رقم 4،[46] الذي ينطبق عموماً على كل دولة من الدول الأطراف في هذا العهد. وفي إجراء لتحديد الخصوصية القانونية لكل من الحق والالتزامات الملقاة على الدولة بخصوص الحق، حددت اللجنة في التعليق رقم 4 أن كل من العناصر السبعة التالية ينبغي أن تكون ماثلة وملباة بغرض أن يتم اعتبار السكن ملائماً في تلبية ما تقتضيه المعاهدة:

        (أ)     الضمان القانوني لشغل المسكن: إن شغل المسكن يتخذ أشكالا مختلفة منها الإيجار (العام والخاص)، والإسكان التعاوني، وشغل المسكن من قبل مالكه، والإسكان في حالات الطوارئ، والاستيطان غير الرسمي، بما في ذلك الاستيلاء على الأراضي أو العقارات. وبصرف النظر عن نوع شغل المسكن، ينبغي أن يتمتع كل شخص بدرجة من الأمن في شغل المسكن تكفل له الحماية القانونية من الإخلاء بالإكراه، ومن المضايقة، وغير ذلك من التهديدات. ولذلك، ينبغي للدول الأطراف أن تتخذ تدابير فورية ترمي إلى توفير الضمان القانوني لشغل المسكن بالنسبة إلى الأشخاص والأسر الذين يفتقرون حاليا إلى هذه الحماية، وذلك من خلال تشاور حقيقي مع الأشخاص والجماعات المتأثرة؛

        (ب)    توفير الخدمات والمواد والمرافق والهياكل الأساسية: إن المسكن الملائم يجب أن تتوفر له بعض المرافق الأساسية اللازمة للصحة والأمن والراحة والتغذية. وينبغي أن تتاح لجميع المستفيدين من الحق في السكن الملائم إمكانية الحصول بشكل مستمر على الموارد الطبيعية والعامة ومياه الشرب النظيفة، والطاقة لأغراض الطهي والتدفئة والإضاءة، ومرافق الإصحاح والغسل، ووسائل تخزين الأغذية، والتخلص من النفايات، وتصريف المياه، وخدمات الطوارئ؛

        (ج)    القدرة على تحمل الكلفة: إن التكاليف المالية الشخصية أو الأسرية المرتبطة بالسكن ينبغي أن تكون ذات مستوى يكفل عدم تهديد إحراز وتلبية الاحتياجات الأساسية الأخرى أو الانتقاص منها. وينبغي للدول الأطراف أن تتخذ خطوات لضمان أن تكون النسبة المئوية للتكاليف المتصلة بالسكن متناسبة، بصورة عامة، مع مستويات الدخل. وينبغي للدول الأطراف تقديم إعانات سكن لأولئك الذين لا يستطيعون الحصول على مساكن يمكنهم تحمل كلفتها، فضلا عن تحديد أشكال ومستويات تمويل الإسكان التي تعبر بصورة كافية عن الاحتياجات للسكن. ووفقا لمبدأ مراعاة القدرة على تحمل التكاليف، ينبغي حماية مستأجري المساكن من مستويات الإيجار أو زيادات الإيجار المرتفعة على نحو غير معقول، وذلك من خلال اعتماد وسائل مناسبة. وفي المجتمعات التي تشكل فيها المواد الطبيعية المصادر الرئيسية لمواد البناء اللازمة لتشييد المساكن، ينبغي للدول الأطراف اتخاذ خطوات لضمان توفر مثل هذه المواد؛

        (د)     الصلاحية للسكن: إن المسكن الملائم يجب أن يكون صالحا للسكن من حيث توفير المساحة الكافية لساكنيه وحمايتهم من البرد والرطوبة والحر والمطر والريح أو غير ذلك من العوامل التي تهدد الصحة، ومن المخاطر البنيوية وناقلات الأمراض. كما يجب ضمان السلامة الجسدية لشاغلي المساكن. وتحث اللجنة الدول الأطراف على أن تطبق بصورة شاملة "المبادئ الصحية للسكن"(5) التي أعدتها منظمة الصحة العالمية والتي تعتبر أن السكن يشكل العامل البيئي المرتبط على نحو أكثر تواترا بالحالات المسببة للأمراض في تحليلات الوبائيات؛ أي أن السكن وظروف المعيشة غير الملائمة والمعيبة تكون بصورة دائمة مرتبطة بارتفاع معدلات الوفيات والإصابة بالأمراض؛

        (هـ إتاحة إمكانية الحصول على السكن: إن إمكانية الحصول على سكن ملائم يجب أن تكون متاحة لأولئك الذين يحق لهم الاستفادة منها. ويجب أن تتاح للجماعات المحرومة إمكانية الاستفادة بصورة كاملة ومستمرة من موارد السكن الملائم. وهكذا يجب ضمان إيلاء درجة معينة من الأولوية في مجال الإسكان للجماعات المحرومة مثل الأشخاص المسنين والأطفال والمعوقين جسديا والمصابين بأمراض لا شفاء منها والمصابين بفيروس نقص المناعة المكتسب والأشخاص الذين يعانون من مشاكل طبية مستمرة والمرضى عقليا وضحايا الكوارث الطبيعية والأشخاص الذين يعيشون في مناطق معرضة للكوارث وغيرهم من الجماعات. وينبغي لقوانين وسياسات الإسكان أن تأخذ في الاعتبار الكامل الاحتياجات السكنية الخاصة لهذه الجماعات. وفي العديد من الدول الأطراف، ينبغي أن يكون من الأهداف الرئيسية للسياسة العامة زيادة إمكانية الحصول على الأراضي لصالح قطاعات المجتمع الفقيرة أو التي لا تمتلك أية أراض. وينبغي تحديد التزامات حكومية واضحة ترمي إلى تأكيد حق جميع الناس في الحصول على مكان آمن يعيشون فيه بسلام وكرامة، بما في ذلك الحصول على الأرض كحق من الحقوق؛

        (و)     الموقع: إن السكن الملائم يجب أن يكون في موقع يتيح إمكانية الاستفادة من خيارات العمل وخدمات الرعاية الصحية والمدارس ومراكز رعاية الأطفال وغير ذلك من المرافق الاجتماعية. وهذا ينطبق على السواء في المدن الكبيرة وفي المناطق الريفية حيث يمكن للتكاليف، من حيث الوقت والمال، التي تترتب على التنقل بين المسكن وموقع العمل أن تفرض ضغوطا مفرطة على ميزانيات الأسر الفقيرة. وبالمثل، فان المساكن ينبغي أن لا تبنى في مواقع ملوثة أو في مواقع قريبة جدا من مصادر التلوث التي تهدد حق السكان في الصحة؛

        (ز)     السكن الملائم من الناحية الثقافية: إن الطريقة التي يتم بها بناء المساكن ومواد البناء المستخدمة والسياسات الداعمة لها يجب أن تتيح إمكانية التعبير على نحو مناسب عن الهوية الثقافية والتنوع في السكن. وينبغي للأنشطة الموجهة نحو التطوير أو التحديث في قطاع الإسكان أن تكفل عدم التضحية بالأبعاد الثقافية للإسكان، وتوفير المعدات التكنولوجية الحديثة أيضا، في جملة أمور، عند الاقتضاء.

ومن المهم بالنسبة للنشطاء المحليين المنخرطين في الإنتاج الاجتماعي للموئل أن يعرفوا كون المحتويات المتعلقة بالتعليق العام رقم 4 لم تتحدد فقط من خلال "الحوارات البناءة" بين اللجنة المعنية برصد تطبيق المعاهدة والدول الأطراف في العهد الدولي بل أيضاً من خلال هذا الحوار مع أطراف غير حكومية. وكان الفاعل الرئيسي في الصياغة والترويج للتعليق العام هو "التحالف الدولي للموئل" والذي عمل من موقعه الاستشاري مع الأمم المتحدة وفي تأييد لعمل اللجنة. وقد استثمر التحالف خبرته وصبها في قنوات المعايير التي أصبحت في النهاية نتائج قانونية.

وكان من بين أغراض الصياغة والترويج والتبني للتعليق العام تقديم أداة تخدم المجتمعات المحلية بقدر ما تخدم اللجنة في دورها الرصدي، وكذلك الدول الأعضاء في أدوارها كمنفذين للعهد. ومن ثم فإن تطور وتحديد مواصفات الحق الإنساني في السكن الملائم في القانون كانت له علاقة تبادلية مع الإنتاج الاجتماعي للموئل والحركات الاجتماعية قبل بلورتها بكثير كأداة قانونية، ولكن هذه العلاقة بين الناس والقانون كانت- ومازالت- علاقة حيوية تلازمية أو تكافلية: فخبرات الناس والحاجات التي يعبرون عنها هي ما تخبرنا عن الخصوصية الموجودة في قانون حقوق الإنسان، وقانون حقوق الإنسان إنما يكتسب المغزى والقوة بقدر ما يعطيه الناس إياها عن طريق الانتفاع به.

وفي هذا الانخراط التبادلي والتكافلي للناس والقانون، أصبح واضحاً أنه بالإضافة إلى هذه العناصر هناك حقوق أخرى مرتبطة ومنصوص عليها على نحو منفصل مكملة لاحترام وحماية وإعمال الحق في السكن الملائم، خاصة في ظروف معينة من التطبيق. وهذا ما يستدعي استخلاص الحقوق "المطابقة" فيما يلي:

   

·        المعلومات؛

·        التعليم وبناء القدرات؛

·        المشاركة؛

·        حرية التنظيم؛

·        التعبير عن الذات؛

·        حق اللاجئين والنازحين في إعادة الاستقرار وعدم الإرجاع الجبري والتعويض والتعويض المالي والعودة؛

·        الخصوصية؛

·        الأمان الشخصي.

يقصد بتطبيق هذه المعايير الإضافية لقانون حقوق الإنسان على الحق في السكن الملائم ضمان أن "كل رجل وامرأة وطفل وشاب يحصل على مسكن آمن ومجتمع يعيشون فيه في سلام وكرامة." ومن ثم، إذا كان لنا أن نجمع بين الخصوصية القانونية المتوافرة في التعليق العام رقم 4 وبين الحقوق الأخرى التي تتأثر طبيعياً بمجال السكن، حيث سيشكل هذا مجموعة من المعايير أكثر اكتمالاً. وخبرات الإنتاج الاجتماعي للموئل وغيرها من الحركات الاجتماعية إنما تعزز هذه المطالب وكإطار مشترك لحقوق الإنسان لنا. وبفعل اسهاماتهم الخاصة، لم ترس سلطة الناس فقط المبدأ الأخلاقي للضرورة بل أيضاً أسهموا بشكل جوهري في تطوير السلطة الملزمة للقانون.

مرة أخرى، ووفقاً لنظرية القانون ومنطق التطبيق، فإن الظروف السكنية التي تخفق في تلبية أي من العناصر والحقوق المطابقة المنصوص عليها قانوناً قد تشكل بالتالي انتهاكاً للحق الإنساني في السكن الملائم، ومحتمل حقوق الإنسان أخرى.

التزامات الدولة

 

تحمل جميع حقوق الإنسان التزامات على الدولة، والشخصية الاعتبارية تحمل التزام بفضل كونها جزءاً من المعاهدة الدولية لحقوق الإنسان. والأدبيات القانونية، خاصة التعليقات العامة، التي تصدرها الجهات المعنية برصد تطبيق المعاهدات تؤسس ثلاث مستويات من الالتزام، ومن ثم فإن ما يجب على الدولة القيام به يشمل:

احترام الحق: تجنب انتهاك الحق من خلال أفعال تقوم بها أو أي من هيئاتها؛

حماية الحق: ضمان حماية الأشخاص من خرق حقوقهم من قبل أطراف أخرى؛

إعمال الحق: اتخاذ الخطوات لضمان التحسين الدائم للظروف المعيشية وأيضاً تعزيز الحق وترويجه بين المنتفعين ورصد تنفيذه والتقرير عن التنفيذ للجهات الراصدة للتطبيق المعاهدة.  

كذلك فإن جميع حقوق الإنسان تجلب معها التزامات على الدولة لتنظيم ممارستها بما يتوافق مع الفقه أو النظرية الخاصة بالسيطرة الفعالة وبطريقة خاصة. وأكثر المعايير عمومية هي تلك "المبادئ اللازمة" لتطبيق المعاهدة. وهذه المبادئ نجدها في المواد الثلاث الأولى من العهدين الدولين واتفاقيات حقوق الإنسان التي تخاطب كيف تتوقع من الدولة تنفيذ التزاماتها، متضمناً ذلك احترام وحماية وإعمال الحق الإنساني في السكن الملائم. ومن ثم، ينبغي على الدولة أن تطبق التزاماتها بممارسة:

·        تقرير المصير

·        عدم التمييز

·        المساواة بين النوع الاجتماعي-الجندر

·        حكم القانون

·        التعاون الدولي

·        عدم التراج/ التحقيق التدريجي

(كل من هذه العناصر والمبادئ اللازمة للتطبيق مفسرة بالتفصيل في طاقم أدوات شبكة حقوق الأرض والسكن. انظر: http://toolkit.hlrn.org/index.html).

 

في الوقت نفسه، فإن عناصر الحق في السكن الملائم تشكل التزامات جوهرية للدول الأطراف فيما يتعلق باحترام وحماية وإعمال الحق والتي يشير كل من المبادئ اللازمة للتطبيق إليها بمنهجية غاية في الأهمية. والتعليق العام رقم 4 يجسد المصدر القانوني الواحد الأكثر تطوراً الذي يتمخض عن التزامات الدولة، كل وفقاً للعنصر المشكل لها:

        (أ)     الضمان القانوني لشغل المسكن: إن شغل المسكن يتخذ أشكالاً مختلفة منها الإيجار (العام والخاص)، والإسكان التعاوني، وشغل المسكن من قبل مالكه، والإسكان في حالات الطوارئ، والاستيطان غير الرسمي، بما في ذلك الاستيلاء على الأراضي أو العقارات. وبصرف النظر عن نوع شغل المسكن، ينبغي أن يتمتع كل شخص بدرجة من الأمن في شغل المسكن تكفل له الحماية القانونية من الإخلاء بالإكراه، ومن المضايقة، وغير ذلك من التهديدات. ولذلك، ينبغي للدول الأطراف أن تتخذ تدابير فورية ترمي إلى توفير الضمان القانوني لشغل المسكن بالنسبة إلى الأشخاص والأسر الذين يفتقرون حاليا إلى هذه الحماية، وذلك من خلال تشاور حقيقي مع الأشخاص والجماعات المتأثرة؛

        (ب)    توفير الخدمات والمواد والمرافق والهياكل الأساسية: إن المسكن الملائم يجب أن تتوفر له بعض المرافق الأساسية اللازمة للصحة والأمن والراحة والتغذية. وينبغي أن تتاح لجميع المستفيدين من الحق في السكن الملائم إمكانية الحصول بشكل مستمر على الموارد الطبيعية والعامة ومياه الشرب النظيفة، والطاقة لأغراض الطهي والتدفئة والإضاءة، ومرافق الإصحاح والغسل، ووسائل تخزين الأغذية، والتخلص من النفايات، وتصريف المياه، وخدمات الطوارئ؛

        (ج)    القدرة على تحمل الكلفة: إن التكاليف المالية الشخصية أو الأسرية المرتبطة بالسكن ينبغي أن تكون ذات مستوى يكفل عدم تهديد إحراز وتلبية الاحتياجات الأساسية الأخرى أو الانتقاص منها. وينبغي للدول الأطراف أن تتخذ خطوات لضمان أن تكون النسبة المئوية للتكاليف المتصلة بالسكن متناسبة، بصورة عامة، مع مستويات الدخل. وينبغي للدول الأطراف تقديم إعانات سكن لأولئك الذين لا يستطيعون الحصول على مساكن يمكنهم تحمل كلفتها، فضلا عن تحديد أشكال ومستويات تمويل الإسكان التي تعبر بصورة كافية عن الاحتياجات للسكن. ووفقا لمبدأ مراعاة القدرة على تحمل التكاليف، ينبغي حماية مستأجري المساكن من مستويات الإيجار أو زيادات الإيجار المرتفعة على نحو غير معقول، وذلك من خلال اعتماد وسائل مناسبة. وفي المجتمعات التي تشكل فيها المواد الطبيعية المصادر الرئيسية لمواد البناء اللازمة لتشييد المساكن، ينبغي للدول الأطراف اتخاذ خطوات لضمان توفر مثل هذه المواد؛

        (د)     الصلاحية للسكن: إن المسكن الملائم يجب أن يكون صالحا للسكن من حيث توفير المساحة الكافية لساكنيه وحمايتهم من البرد والرطوبة والحر والمطر والريح أو غير ذلك من العوامل التي تهدد الصحة، ومن المخاطر البنيوية وناقلات الأمراض. كما يجب ضمان السلامة الجسدية لشاغلي المساكن. وتحث اللجنة الدول الأطراف على أن تطبق بصورة شاملة "المبادئ الصحية للسكن"(5) التي أعدتها منظمة الصحة العالمية والتي تعتبر أن السكن يشكل العامل البيئي المرتبط على نحو أكثر تواترا بالحالات المسببة للأمراض في تحليلات الوبائيات؛ أي أن السكن وظروف المعيشة غير الملائمة والمعيبة تكون بصورة دائمة مرتبطة بارتفاع معدلات الوفيات والإصابة بالأمراض؛

        (هـ)‍   إتاحة إمكانية الحصول على السكن: إن إمكانية الحصول على سكن ملائم يجب أن تكون متاحة لأولئك الذين يحق لهم الاستفادة منها. ويجب أن تتاح للجماعات المحرومة إمكانية الاستفادة بصورة كاملة ومستمرة من موارد السكن الملائم. وهكذا يجب ضمان إيلاء درجة معينة من الأولوية في مجال الإسكان للجماعات المحرومة مثل الأشخاص المسنين والأطفال والمعوقين جسديا والمصابين بأمراض لا شفاء منها والمصابين بفيروس نقص المناعة المكتسب والأشخاص الذين يعانون من مشاكل طبية مستمرة والمرضى عقليا وضحايا الكوارث الطبيعية والأشخاص الذين يعيشون في مناطق معرضة للكوارث وغيرهم من الجماعات. وينبغي لقوانين وسياسات الإسكان أن تأخذ في الاعتبار الكامل الاحتياجات السكنية الخاصة لهذه الجماعات. وفي العديد من الدول الأطراف، ينبغي أن يكون من الأهداف الرئيسية للسياسة العامة زيادة إمكانية الحصول على الأراضي لصالح قطاعات المجتمع الفقيرة أو التي لا تمتلك أية أراض. وينبغي تحديد التزامات حكومية واضحة ترمي إلى تأكيد حق جميع الناس في الحصول على مكان آمن يعيشون فيه بسلام وكرامة، بما في ذلك الحصول على الأرض كحق من الحقوق؛

        (و)     الموقع: إن السكن الملائم يجب أن يكون في موقع يتيح إمكانية الاستفادة من خيارات العمل وخدمات الرعاية الصحية والمدارس ومراكز رعاية الأطفال وغير ذلك من المرافق الاجتماعية. وهذا ينطبق على السواء في المدن الكبيرة وفي المناطق الريفية حيث يمكن للتكاليف، من حيث الوقت والمال، التي تترتب على التنقل بين المسكن وموقع العمل أن تفرض ضغوطا مفرطة على ميزانيات الأسر الفقيرة. وبالمثل، فان المساكن ينبغي أن لا تبنى في مواقع ملوثة أو في مواقع قريبة جدا من مصادر التلوث التي تهدد حق السكان في الصحة؛

        (ز)     السكن الملائم من الناحية الثقافية: إن الطريقة التي يتم بها بناء المساكن ومواد البناء المستخدمة والسياسات الداعمة لها يجب أن تتيح إمكانية التعبير على نحو مناسب عن الهوية الثقافية والتنوع في السكن. وينبغي للأنشطة الموجهة نحو التطوير أو التحديث في قطاع الإسكان أن تكفل عدم التضحية بالأبعاد الثقافية للإسكان، وتوفير المعدات التكنولوجية الحديثة أيضا، في جملة أمور، عند الاقتضاء.

التزامات الدولة والإنتاج الاجتماعي للموئل:

تسعى حركات الإنتاج الاجتماعي للموئل، وفق ما قدمنا من أمثلة، إلى التحسين الدائم للظروف المعيشية المتسقة مع كثير من عناصر الحق في السكن الملائم كما هو محدد في قانون حقوق الإنسان. وفي هذا الصدد، تعمل حركات حقوق الإنسان بالاتساق مع الالتزامات التي على الدولة احترام وحماية وإعمال الحق في السكن الملائم، وأيضاً الحقوق الأخرى ذات الصلة والحقوق المطابقة والتي تعتبر مكونة "لمحتوى معياري" للحق الإنساني في السكن الملائم. وفي ضوء هذا المحتوى والغرض من الحقوق المطابقة، يمكن التمييز بين أنشطة الإنتاج الاجتماعي للموئل والتزامات الدولة أساساً في حقيقة المبادرة الشعبية المتضمنة في الإنتاج الاجتماعي للموئل. دون ذلك، فإن التزامات الدول الأطراف بالحق في السكن الملائم تعد سابقة ومتقاطعة مع حركات الإنتاج الاجتماعي للموئل.

ومن قراءة في المعاهدات ذات الصلة يتضح ما تعنيه تلك الالتزامات على أرض الواقع. فالمادة 11 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية تتحدث عن الحق في مستوى ملائم من العيش، والمادة 12 من العهد نفسه، تلزم كل دولة طرف باتخاذ التدابير أو الخطوات اللازمة بما تسمح به أقصى الموارد المتوافرة. ومن ثم فإن أي دولة من الدول الأطراف يجب أن تظهر الاستعداد لاستخدام أقصى ما لديها من موارد لبلوغ الحق في السكن الملائم. وإذا كانت محدودية الموارد تقيد الدولة أو تحد من امكانية الاتساق كاملة مع الالتزامات المتعاقد عليها، تتحمل الدولة مسئولية تبرير أن كل جهد بالرغم من ذلك قد بذل في سبيل استخدام كافة الموارد الممكنة واستعدادها، كمسألة أولوية، لايفاء بالاتزامات الموضحة عاليه. وعلى الدولة أيضاً أن تبين أنها انتفعت نفسها بالآليات الخاصة بالتعاون الدولي مثلما هو مطلوب في المواد 1 فقرة 2 و2 فقرة 1 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

 على مستوى أخر نجد أن عملية الإنتاج الاجتماعي للموئل تجلب معها إسهامات رأس المال الاجتماعي والابداع المحلي في حل المشكلات، متضمناً ذلك تكنيكات ابتكارية في التخطيط والبناء والمواد. وهذا لا يعني أن الإنتاج الاجتماعي للموئل يحل محل الدور المنتظر من الدولة كميسر. ولا يعني كذلك أن الإنتاج الاجتماعي للموئل يحل الدولة من الالتزامات بحيث يمكن أن تنسحب من توفير الخدمات، كما تشير به سياسات الليبرالية الجديدة.[47]  على العكس تماماً، فالدولة تستمر في تحمل الالتزامات نفسها؛ ومع ذلك، يمكن لعملية الإنتاج الاجتماعي للموئل أن تصبح سياقاً ميسراً يتم من خلاله تنفيذ هذه الالتزامات. كما يمكن لعملية الإنتاج الاجتماعي للموئل أن تقدم فرصاً للدولة لتنفيذ التزاماتها التعاقدية بشكل أكثر اقتصادية وتمكين عملية الإنتاج الاجتماعي للموئل بدعم الخطط والأهداف الشعبية والتنسيق بين الوظائف والتسهيلات المدعمة.

والعناصر المحددة على المستوى القانوني لحقوق الإنسان تقدم مزيد من الخصوصية فيما يتعلق بما تستلزمه هذه الوظائف الداعمة والتنسيقية. على سبيل المثال، وعلى مستوى الالتزامات الخاصة باحترام الحق في السكن الملائم ينبغي على مؤسسات وموظفي الدولة أن تتوقف عن الأعمال التي من شأنها إعاقة عملية الإنتاج الاجتماعي للموئل، خاصة الإخلاءات القسرية. وأية حدود مفروضة يجب أن "توضع من قبل القانون وحده بحيث يمكن وبأقصى حد ممكن أن تأتي متوافقة مع طبيعة هذه الحقوق وبشكل خاص لغرض تعزيز الرفاهية العامة في مجتمع ديمقراطي."[48]

وعلى مستوى الحماية، تشمل التزامات الدولة في الإنتاج الاجتماعي للموئل تقديم الضوابط والضمانات للحرية من الاستخدام غير الضروري وغير المتناسب للقوة، وزيادة رسوم الخدمات العامة، والسيطرة الاحتكارية على مواد البناء وغير ذلك من العوائق التي تعترض طريق الناس. والدولة أيضاً تتحمل التزاماًً بمقاضاة المنتهكين وتضمن المساعدة الفعالة والانصاف للضحايا. 

 وعلى مستوى إعمال الحق، فإن الدولة تمتلك قدرات فريدة لتأمين الحصول على السلع والخدمات العامة والتحقق من المواصفات ومستويات الصلاحية للسكن بغرض تأمين الأمن العام وضمان التوافق الواسع لشبكات البيئة التحتية وأهليتها، الخ. ومن ثم فهي، أي الدولة، لديها ما يصاحب أو يقابل ذلك من التزامات لتطبيق هذه الامكانات، وأيضاً اجراء جميع المستويات من الالتزام في ضوء المبادئ اللازمة الستة، تقرير المصير، وعدم التمييز، والمساواة بين النوع الاجتماعي- الجندر، وحكم القانون، والتعاون الدولي وعدم التراجع أو التحقيق التدريجي للحق.

ما الذي يشكل الانتهاك؟

مثلما أشرنا أن التزامات الدولة تنقسم إلى أقسام ثلاثة: احترام، وحماية وإعمال للحق الإنساني في السكن الملائم، فإن انتهاكات الحق تقابل أيضاً هذه المستويات لكل التزام حيث أنها ترتبط بكل عنصر من عناصر الحق في السكن الملائم والحقوق المطابقة. وقد ينشأ الانتهاك أو يظهر جراء اخفاق الدولة و/أو رفضها تطبيق المبادئ اللازمة للتطبيق، وهي:  تقرير المصير، وعدم التمييز، والمساواة بين النوع الاجتماعي- الجندر، وحكم القانون، والتعاون الدولي وعدم التراجع أو التحقيق التدريجي للحق.

وعندما يطبق المحتوى المعياري للحق الإنساني في السكن الملائم على التزامات الدول الأطراف، يصبح من الممكن تحديد الانتهاكات للحق. والانتهاك يمكن أن يتضمن فعلاً أو الغاءاً. وليس من الضروري اثبات محتوى محدد من جانب الدولة أو من ينوب عنها بغرض تحديد أن الانتهاك قد وقع. يكفي فقط إظهار أن فعلاً أو إلغاءاً قد أوقع أثراً سلبياً على التمتع بالحق. ومن ثم، فإن النقطة المهمة هنا لتحديد الانتهاك تكمن في تعبير عن أو نقل خبرة الضحية. وقتئذ يكون من الممكن تحديد صاحب أو أصحاب الواجب. ومع ذلك، فإنه بغرض تحديد الانتهاك وأصحاب الواجب، من المهم تمييز أي نمط من الانتهاك (بفعل أو إلغاء) وعلى نحو خاص، أي الحقوق و/أو المبادئ اللازمة قد تم خرقه في هذا السياق.

ولكي تظهر الدول امتثالها للالتزامات العامة والخاصة عليها أن تثبت اتخاذها الخطوات اللازمة والواضحة نحو بلوغ الحق الإنساني في السكن الملائم، بما في ذلك احترام وحماية وإعمال العناصر المعيارية والحقوق المطابقة التي حددناها آنفاً. وبالتوافق مع القانون الدولي فإن الإخفاق في العمل بنية سليمة في اتخاذ تلك الخطوات يصب في انتهاك الحق. وينبغي التأكيد على أن العمليات السياسية، أو التشريع الداخلي، أو ندرة الموارد، أو الاتفاقيات مع أطراف أخرى لا تحل الدولة من التزاماتها لضمان التحقيق التدريجي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.[49]

وفي تحديد أي الأفعال وأي إلغاء يرتقي إلى حد الانتهاك للحق في السكن الملائم، من المهم أيضاً تمييز عدم قدرة الدولة من عدم استعدادها على الإيفاء بالتزاماتها فيما يتعلق بالحق في السكن الملائم. وهذا ما تنقله المادة (11) فقرة (1) التي تتحدث عن الحق في مستوى ملائم من العيش، وأيضاً ما تنقله المادة (2) فقرة (1) من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والتي تلزم كل دولة طرف باتخاذ التدابير اللازمة وبأقصى ما تسمح به مواردها المتاحة. والدولة غير المستعدة أو راغبة في استخدام أقصى ما تسمح به مواردها المتاحة لبلوغ الحق في السكن الملائم تعتبر منتهكة لالتزاماتها في ظل العهد الدولي. وإذا كانت الموارد محدودة بما يحيل بين إيفاء الدولة بالتزاماتها الخاصة بالحق في ظل العهد؛ أي قد تبقى الدولة الفقيرة في مواردها منتهكة إذا ما لم تتمكن من إظهار أنها استفادت هي نفسها من آليات التعاون الدولي، كما هو مطلوب في المواد 1 فقرة 2، و2 فقرة 1، وكذلك المادة 22 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

ويمكن لانتهاك الحق في السكن الملائم أن يقع من خلال أعمال إلغاء أو استبعاد، أو أعمال مباشرة للدول الأطراف أو كيانات أخرى غير منظمة على نحو كافي من قبل الدولة. وتشمل الانتهاكات، على سبيل المثال، تبني إجراءات رجعية لا تتفق مع الالتزامات الموضحة في التعليقات العامة رقم 4 و7، والإلغاء الرسمي أو تعليق تشريع ضروري للتمتع الدائم بالحق في السكن الملائم، أو تبني تشريع أو سياسات لا تتفق مع التشريع الداخلي الموجود سابقاً أو التزامات دولية قانونية للالتزام بالحق في السكن الملائم.

وتشمل الانتهاكات من خلال أعمال الإلغاء، الإخفاق في اتخاذ التدابير الملائمة نحو الإدراك الكامل لحق الجميع في السكن الملائم، وإخفاق في الحصول على سياسة وطنية للسكن، وإخفاق في إنفاذ القوانين ذات الصلة، بما في ذلك التوفيق المحلي والإنفاذ لالتزامات التعاقدية الدولية لاحترام وحماية وإعمال الحق.

وفي حين أنه من غير الممكن تحديد قائمة كاملة من الانتهاكات المحتملة، فقد يكون من العون نقديم بعض من الأمثلة النموذجية المتعلقة بمستويات الالتزامات وتنبثق عن التعليقات العامة والفقه الخاص بالعهدين الدوليين والاتفاقيات:

1. انتهاكات الالتزام باحترام الحق تأتي عن طريق التدخل من طرف الدولة في الحق في السكن الملائم، وهذا ما يشمل ضمن أشياء عديدة:

(‌أ)          حق الإنسان في الحماية من التعرض "على نحو تعسفي أو غير قانوني، للتدخل" في بيته؛

(‌ب)     زيادات تمييزية أو لا يمكن تحملها في سعر المسكن والمرافق العامة ذات الصلة؛

(‌ج)       تلوث البيئة المعيشية؛

(‌د)         التعرض لسلوك تعسفي، وغير قانوني وعقابي من الإخلاء القسري.

2. انتهاكات للالتزام بحماية الحق ناتج عن إخفاق الدولة في اتخاذ التدابير اللازمة لحماية الأشخاص في إطار التشريع من أية خروقات للحق في السكن الملائم، متضمناً ذلك الأفراد، والجماعات، والمؤسسات وأية كيانات أخرى وكذلك الفاعلين العاملين في ظل السلطة. شاملاً ذلك:

(‌أ)    الإخفاق في تفعيل أو إنفاذ القوانين لمنع التدهور في ظروف السكن والمعيشة و/أو الحماية ضد الإخلاء دون وجه حق؛

(‌ب)  الإخفاق في تنظيم وضبط القائمين على السكن والخدمات العامة بشكل فعال لضمان السكن الملائم وامكانية تحمل أعبائه؛

(‌ج)       الإخفاق في حماية السكن من أي تدخل ضار، أو إضرار أو هدم؛

(‌د)         إنكار "وسائل الانتصاف الفعالة" للأشخاص الذين انتهكت منازلهم.[50]

4.      انتهاكات للالتزام بالتفعيل يقع من جراء اخفاق الدول الأطراف في اتخاذ الخطوات اللازمة لتأمين بلوغ الحق في سكن ملائم. من بين الأمثلة على ذلك:

(أ‌)    اخفاق في تبني أو تنفيذ سياسة قومية للسكن تهدف إلى تأمين الحق في السكن الملائم للجميع؛

(ب‌)        انفاق غير كاف أو سوء توزيع للموارد العام مما يسفر عن عدم التمتع بالحق في سكن ملائم من قبل الأفراد أو الجماعات، خاصة المهمشين أو الأكثر استضعافاً؛

(ت‌)        اخفاق في رصد إعمال الحق في السكن الملائم على المستوى القومي، على سبيل المثال يتحديد مؤشرات وعلامات هادية للحق في السكن؛

(ث‌)                       اخفاق في اتخاذ التدابير لتقليل التوزيع غير المتكافئ أو المتساو للسكن والخدمات ذات الصلة؛

(ج‌) الاخفاق في تبني آليات لتقديم إعانة سكنية للطوارئ في حالات الكوارث الطبيعية أو الإنسانسة؛

(ح‌) الاخفاق في تأمين الحد الأدنى من المستوى الأساس للحق لدى كل فرد؛

(خ‌) اخفاق احد الدول في الاعتداد بالالتزامات القانونية الدولية فيما يتعلق بالحق في السكن عندما تتدخل في معاهدات أو اتفاقات مع دول أخرى أو منظمات دولية؛

(د‌)   التشريد المنتشر داخل الدولة؛

(ذ‌)   الحرمان أو إنكار المشاركة في الموضوعات التي تؤثر على الظروف المعيشية؛

(ر‌) اخفاق الدولة في ضمان تلبية المتعهدين بتقديم السكن الخدمات العامة، بما في ذلك الأطراف في القطاع الخاص، لمعايير الحد الأدنى من التحقيق التدريجي وتجنب الانحدار في الجودة والكمية أو القدرة على التحمل للمواد المتعلقة بالسكن والسلع والبنية التحتية والخدمات؛

(ز‌)  اخفاق في توفير أعلى قدر ممكن من أمن الحيازة لشاغلي المساكن والأراضي؛

(س‌)                      اخفاق في تفعيل أو اتفاذ الالتزام حول "السلطات المتختصة [بإنفاذ] وسائل انتصاف [فعالة]

 

انتهاكات الإنتاج الاجتماعي للموئل

في السياق الخاص بالإنتاج الاجتماعي للموئل، يمكن لانتهاكات حقوق الإنسان المطابقة، بما في ذلك الحق في السكن الملائم أن تشتمل على ارتكاب أعمال تعوق عملية الإنتاج الإنتاج الاجتماعي للموئل

ومن ثم فإن الإجراءات التي تمنع أو تحرم أو تقمع حقوق السكان في الترابط والمشاركة والتعبير الحر في عملية التنمية الواقعية تنتهك الالتزام باحترام الحق في السكن الملائم. ومعظم حالات الإخلاء القسري التي تنفذ لإعاقة عملية الإنتاج الاجتماعي للموئل ستشكل في الأرجح انتهاكاً كبيراً لحقوق السكان تتبع من ناحية أخرى سلسلة من خرق التزامات الدولة. وبعض أشكال الإنتاج الاجتماعية للموئل تعد فعليا استجابات على انتهاكات سابقة لالتزامات الدولة، مثل اخفاق الحكومة في تنظيم سوق الإسكان لتأمين توافر الإسكان المنخفض التكاليف، أو إهمال الاستثمار العام في المناطق الريفية مما يحبر الناس على القيام بالهجرة بحثاً عن مصادر العيش والتنمية. وليس من الممكن توفير قائمة شاملة للأفعال الممكنأو الإلغاءات التي تنتهك الحق في السكن الملائم، وفي نفس الوقت تعوق الإنتاج الاجتماعي للموئل. ومع ذلك فإن الإطار الخاص بالحق الإنساني في السكن الملائم يضع بعض السيناريوهات التفسيرية.

أعمال أو إلغاءات تقوم بها الدولة يمكن أن تشكل خرقاً للالتزام باحترام الحق في السكن الملائم بأعمال أو إلغاءات تعيق الإنتاج الاجتماعي للموئل:

·  الاخفاق في انفاذ القوانين لمنع تدهور الظروف السكنية والمعيشية و/أو الحماية ضد الإخلاءات غير القانونية؛

· عدم مطالبة المتعهدين بتقديم الخدمات السكنية والحدمات العامة بالتأمين الفعال لسكن يتميز بجودة ملائمة وقدرة على تحمل أعباءه؛

·  التقاعس عن التأمين القانوني لحيازة السكان لمساكنهم التي أنتجوها بتجربتهم الاجتماعية؛

·  الحرمان من تقريرالمصير، وممارسة التمميز، و/أو انكار "وسائل النتصاف الفعالة" للأشخاص المنتهكة حقوقهم في السكن.[51]

سيناريوهات أو تصورات محتملة تسبب فيها أعمال أو اغاءات الدولة اخفاق في تلبية الحد الأدنى من التزاماتها، وهو ما قد يشمل:

·  الاخفاق في حماية السكن الذي انتجه الناس بتجربتهم الاجتماعية من التدخل الضار، والضرر، والتدمير، و/أو

·  التأجيلات المبالغ فيها في تفعيل التشريع المطلوب لإدخال الحق في السكن الملائم في النظام القانوني المحلي.

أعمال رسمية في عملية الإنتاج الاجتماعي للموئل يمكن أن تشكل انتهاكات لالتزامات الدولة في ظل المعاهدة لإعمال الحق في السكن الملائم لو جاءت هذه الأعمال من خلال أو عن:

·        حرمان من المشاركة في أمور تؤثر على الظروف المعيشية؛

·   تعزيز السياسات العالمية التي تسعى إلى منع الوصول إلى السكن الملائم الذي يقدر الناس على تحمل أعباءه وأيضاً للخدمات العامة في أي بلد؛ أو

·        تقليل الموارد العامة المكرسة لتدعيم الإنتاج الاجتماعي للموئل مما يؤدي إلى انحدار في الظروف المعيشية؛

 

إلغاءات رسمية أو تقاعس في عملية الانتاج الاجتماعي للموئل يمكن أن تشكل انتهاكات لالتزامات الدولة "بإنفاذ" الحق في السكن الملائم إذا ما تضمنت مثل هذه الالغاءات غياب سياسةساكان ملائمة تمكن من القيام بالإنتاج الاجتماعي للموئل، وهو ما يشمل:

·  عدم تنفيذ السياسات، أو المعايير القانونية البرامج المقصود بها مكافحة التمييز أو تمكين تحقيق تقرير المصير؛

· الاخفاق في إنفاذ الحد الأدنى من المعايير فيما يتعلق بالجودة والوصول إلى مواد البناء والخدمات العامة للماشركين في الإنتاج الاجتماعي للموئل؛

· تفعيل رسمي في مواجهة الحاجات والفرص لتأمين الحياوة الأمنة قانونيا لشاغلي المساكن والأراضي والمعرضين لنزع الملكية؛

اعتبارات استراتيجية:

بالرغم من أن ممارسة الإنتاج الاجتماعي للموئل وبعض التدابير لاحترام وحماية وإعمال الحق في السكن الملائم مشتركة في الماسر ومتماسة وأيضاً تحدث بالمصادفة تماماً، إلا أن تقديم بعض ملامح التمييز تعد مسألة مهمة بالنسبة لاعتبارات استراتيجية. من المؤكد أن جوهر الحق في السكن الملائم والإنتاج الاجتماعي للموئل جوهر مشترك، وهو: الوازع الإنساني "للحصول على مكان آمن ومستدام ومجتمع يعيش فيه في سلام وكرامة. ومع ذلك، فإن هناك عمليات متنوعة ومقاربات تكتيكتية تتعلق بالإنتاج الاجتماعي للموئل ومبادرات تقوم على حقوق الإنسان قد كشفت عن مجال من الخيارات الممكنة. هذه الخواص تعكس المقاربة التي يغلب عليها الفعل فيما يتعلق بالإنتاج الاجتماعي للموئل، مقارنة بالمقاربة التي يغلب عليها الحجة الكلامية في نشاط حقوق الإنسان. تماماً مثلما تولد الألفة نوع من الرضا، كما يذكر القول المأثور، المقاربات التقليدية التي تؤكد على التحديث الهيكلي مقارنة بحقوق الإنسان التي تميل إلى إخضاع التكاملية الطبيعية لكلاهما.

عمل تكتيكي (زحف هادئ"[52]) أو "أحداث نزاعية"[53] لها سلطة شعبية.

الحركات الاجتماعية في صورة الإنتاج الاجتماعي للموئل

فلسفية، مفاهيمية، مقارنة، لها سلطة قانونية

حقوق الإنسان (الحق الإنساني في السكن الملائم)

بعيداً عن الفروق التمييزية في المقاربة والنمط التكتيكي، كانت هناك رؤية للقيم الأساسية والأهداف الرئيسية لكل من المقاربتين كشفت عن عدد أكبر من القواسم المشتركة في الغرض. فعلي سبيلب المثال، تؤكد كل من عمليات الإنتاج الاجتماعي للموئل وقانون حقوق الإنسان على مطالب جماعية وحقوق جماعية في السكن الملائم والتنمية. كما أنهما منتج لعمليات تاريخية تتطلب فهماً تاريخياً أيضاً كمسألة تتعلق بالاسترتتيجية. فتعزيز الإنتاج الاجتماعي للموئل وحقوق الإنسان تنتفع من التحليل المقارن، خاصة اختراع طرق لضمان انصياع السلطات لهذه المطالب. كما أن المدافعين عن الحق في السكن والمؤدين والعاملين في الإنتاج الاجتماعي للموئل يخدمون نفس المجتمع من المنتفعين أو المستفيدين وذلك بطرح حلول عملية لمشكلات هيكلية. لذلك، فمن الطبيعي أن تتطور الخبرة المتواصلة مع الإنتاج الاجتماعي للموئل وتنمية معايير الحق في السكن الملائم إلى توافق وتلاقي من المفاهيم والأدوات والوسائل وأيضاً النشاطاء والفاعلين.

 

بعض الملامح المشتركة بين الإنتاج الاجتماعي للموئل والحق الإنساني في السكن الملائم

تتضمن مطالب جماعية ومطالبين[54]

تتطلب فهماً تاريخياً[55]

تدعمها التحليلات المقارنة للعمل والإنفاذ الفعال

توجه في نهاية المطاف المطالب إلى سلطات محلية ومركزية (أصحاب الواجب)

تتطلب مساحة من الموارد البشرية المتنوعة والتكاملية، والمهارات والوظائف

المنتفعين

تطرح حلول عملية

تمضي في تطور دائم بما في ذلك التلاقي في اتجاه واحد[56]

والأدبيات المتعلقة بالحركات الاجتماعية- سواء المرتبطة بالإنتاج الاجتماعي للموئل أو ماعدا ذلك، تشير إلى أعمال وتوترات مع السلطات "كسياسة نزاعية"[57]  أو "أحداث نزاعية." كما تعد من بين الأمور الشائعة بالنسبة لعلمية الإنتاج الاجتماعي للموئل استراتيجيات التجنب والأعمال المتفرقة التي جاءت في وصف "الزحف الهادئ." خاصة في الاستراتيجية الأخيرة، كما لاحظنا بالفعل، ليس من البديهي أن تقدم حركات الإنتاج الاجتماعي للموئل والفاعلين بها مطالب من أجل إعمال "الحقوق" ما لم وإلى أن يتم تفعيلها وإنفاذها من قبل فرص أو تهديدات خارجية.

والاستخدام الانتقائي للغة حقوق الإنسان وحقوق السكن تتبع اعتبارات استراتيجية وتكتيكية، كما هو في الأمثلة المطروحة من خبرة التحالف الدولي للموئل. فأنصار وقادة حركة Urbanización Nueva Democracia (Las Farias, Maracaibo, Zulia, Venezuela),  وصفت الدفاع عن الحقوق والالتزامات كـ "أداة/وسيلة" للكفاح.[58]  وأيضاً في حالة المجلس الإقليمي للقى غير المعترف بها في إسرائيل/فلسطين. بينت كيف عرضت الحركة الاجتماعية نموذجاً من التمييز وما يعقبها من عواقب مادية خلال لغة الطالب بمعاملة متساوية وحقوق مواطنة متساوية. وقد أصبحت هذه القيم الأساس الأخلاقي الذ أفضى إلى تعبئة التضامن المحلي والدولي بتأثير إيجابي.[59]

كذلك وضعت خبرة وادي ضانا، في الأردن، في الإنتاج الاجتماعي للموئل برنامجاً لتحقيق مجموعة من الحقوق التي تمكن فعلياً المناصرين والنشطاء وتساعد في فهم مضمون الحق في التنمية.[60]  ومع ذلك، فقد حددت جمعية "أبناء وادي ضانا" انخفاض الوعي بالحقوق كعائق أولي ومبكر أمام أهداف الإنتاج الاجتماعي للموئل. وفي مجرى الخبرة، تمكن المنظمون المحليون من تحويل هذه القصور إلى فرصة و، في النهاية، "وعي بالحقوق" ليصبح الوعي بالحقوق بعد ذلك من نتائج ومقومات الانتاج الاجتماعي للموئل.

وفي هذه الحالة على نحو خاص، وعلى خلفية السياق الريفي والتاريخي، فإن حركة الإنتاج الاجتماعي للموئل اختبرت وبرهنت على الاستخدام المحلي للأرض والقانون العهرفي كضمان لاحترام وحماية وإعمال الحقوق بخصوصية محلية. وفي المقابل من ذلك، نجد صندوق تقدم المرأة في در السلام بتنزانيا قد سعى إلى تنفيذ الحق في التكافؤ بين النوع الاجتماعي وأيضاً الحقوق الخاصة بالمرأة في الأرض والسكن كحقوق عالمية شاملة وكموضوع لالتزام دولي تعاقدي، بالرغم من أن القانون المحلي والعرفي تنكر تلك الحقوق.[61]

كذلك تجد خبرات الإنتاج الاجتماعي للموئل لغة حقوق الإنسان والوعي كوسيلة لتحقيق القدر الأكبر والملموس من التمكين، الذي يعد ضرورة معنوية للدافعية الذاتية 

ونجد "بلانأكت" Planact في جنوب افريقيا، التي ذكر أنها كانت "قد شجعت المجتمع على أن يحصل أخيراً على مسئولية القيام بالعملية والاستمرار في إعمال حقوقهم في السكن." [62]

كذلك تعطي خبرات حقوق الإنسان أمثلة لمطالب حقوق الإنسان كتكتيك أو وسيلة إذا ما تأسست على قانون فعلي فسكون لها مردود عكسي. فالمشاركون في خبرة “Movimiento de Ocupantes y Inquilinos” (Buenos Aires) and Cooperativa de Vivienda “Unión de Palo Alto”  يمدينة المكسيك انتهجوا المطالبة الكلامية بالحقوق "الحق في المدينة،"[63]  ولكن كما يبدو لم يفعلوا ما قد بالمطالب غير امجودة أو المترجمة إلى قوانين.[64]  ومن ثم فإذا تم تحديها في بعض الأحداث النزاعية في وقتما، يمكن للمطلب الذي كان رئيسياً لحشود الحركة الصارخة أن تتفكك على نحو سريع. ومع ذلك، فإن إطارالحقوق الموجودة، خاصة الحق في السكن الملائم، وما يقابلها من التزامات تعاقدية من قبل الأرجنتين تظل أرضية صلبة لتلك المطالب، إذا ما وضعت بشكل صحيح قيد التنفيذ.[65] ومع ذلك، فإن مواجهة من هذا النوع، يمكن أن تفضي إلى فقدان أرضية شرعية غي الساحة العامة وتتطلب تعديلاً تكتيكياً. وفي هذا السيناريو الافتراضي تتضح الحاجة إلى بناء القدرات فيما يتعلق بحقوق الإنسان.

الخلاصة: حول مظاهر النجاح

إن خبرة وقيم ولغة حركة الإنتاج الاجتماعي للموئل تشكل قاعدة أساسية وعضوية للغة الخصوصية القانونية المطلوبة لإرشاد وتوجيه أصحاب الواجب (الدول) في تنفيذ التزاماتها من احترا وحماية وإعمال الحق في السكن الملائم. تلاقي مقاربة الحق في السكن الملائم ونشاط الإنتاج الاجتماعي للموئل يتسم بعدم ميزات، منها (1) أنه تلاقي عضوي، أي أن الاثنين يتقاسمان القيم نفسها؛ (2) تاريخي، لأنهما يتقاسمان منحى أو مسار واحد عبر الزمن والتحليل المقارن؛ (3) استراتيجي، حيث أنهما يعرضان ميزات تبادلية وتكتيكية يمكن من خلالهما اقتناص فرض بعينها؛ (4) وصفة لنجاح متوافر لدى الدول وصانعي السياسات الساعين لحل مشاك لالسكن والتنمية الوطنية، بينما تعزز أيضاً شرعية حكمهم.

والحقيقة أن كثير من اللغة النقدية لحقوق الإنسان والإنتاج الاجتماعي للموئل إنما ترجع إلى الانتهاكات، والعيوب والإخفاقات من قبل السلطة والمسئولين. ومع ذلك فإن ما تسوقه الرسالة في هذا السياق أيضاً هي الإرشادات لنجاح مؤكد ونجاح في متابعة ممكنة فقط من خلال التشاور مع الناس الذين يمثلون لب القضية سواء بالنسبة للبرامج أو المشاريع أو المؤسسات أو الموازنات المعنية. وهذا التشاور مع الأطراف المعنية المختلفة يعتمد على لغة مشتركة تمثل هدفاً لمشروع الإنتاج الاجتماعي للموئل هذا المشروع العالمي الذي يقوم به التحالف الدولي للموئل.

أحد الفرص الملحة والمتحدية في تحقيق لغة مشتركة يطرحها التيار الأيديولوجي أو الفكري لاقتصاديات الليبرالية الجديدة والعولمة الاقتصادية. وغياب لغة مشتركة تدمج قيم حقوق الإنسان والالتزامات بنحقيقها، وخبرات الإنتاج الاجتماعي للموئل هذه الأيام قد تجد مجتمعات محلية واقعة في شرك من صنعها أو بفعل حججها. فقد يصرون على أن "حقهم" في التنمية المشتقلة بعيدة عن اخفاق مؤسسات الدولة. وفقاً للميول الليبرالية الجديدة لدى الدول للانسحاب من أداء مسئولياتها المتعاقد عليها في مجال الخدمات العامة وفق المعاهدات المصادق عليها، فإن الحكومات قد "تهدد بعدم تنفيذ" الحركات الخاصة بالإنتاج الاجتماعي للموئل وتتركها إلى حال سبيلها وبأدواتها أيا كانت دون أن تقدم التنسيق المطلوب والخدمات التي تضمن تحقيق فعال للإنتاج الاجتماعي للموئل. وتطبيق إطار الحق في السكن الملائم وما يتعلق به من التزامات الدولة يطرح في المقابل الاندفاع قصير النظر لليبرالية الجديدة لدولة متعولمة. وإعادة التأكيد على الالتزامات الأولية للدول والحكومات في احترام وتعزيز وإعمال الحق في السكن الملائم في سياق الإنتاج الاجتماعي للموئل يظهر كمهمة مشتركة للحركات الاجتماعية وعلى الأخص الحركات الاجتماعية للإنتاج الاجتماعي للموئل.

وتخدم هذه الالتزامات من ناحية أخرى الموظفين العموميين والمؤسسات الساعية إلى إيجاد طرق لصيانة إجراءات أو تدابير تتعلق بالشرعية المحلية مع المجتمع المحلي ولاستعادة درجة من سيادة الدولة المطلوبة لتطوير حلول محلية. وهذه الأهداف الرسمية تعد ملحة على نحو خاص، على خلفية ما نجد من قوة طاردة للعولمة تصدر وعلى نحو متزايد السيادة لكثير من الأطراف الخارجية. والانخراط الداعم والرسمي للدولة في الانتاج الاجتماعي للموئل إنما يساهم في استعادة الشراكة العملية بين السلطات والناس. ولا شك أن خبرات "سوق التبليطة" في القاهرة قد تضمنت مواجهة في البداية مع المخططيين المعارضين التابعين للإدارة المركزية في القاهرة، وهو ما شكل في النهاية عزم السكان المحليين وحقهم في البقاء.[66]  وخطة التنمية البديلة في "ساكردارا" في ناجبور/ بالهند[67]  أصبجت نموذجاً للأخرين على مستوى قارة آسيا. هاتان الحالتان تعطيان شهادة على الرؤى الشعبية البديلة الممكنة لإنتاج أساس للتفاوض والدعم الرسمي لحركات الإنتاج الاجتماعي للموئل. وقد قدمت هذه النوعية من الحالات نماذج على نوعية الصيغة الخاصة بالإنتاج الاجتماعي للموئل التي يمكن أن تسفر عن التعاون بين المجتمعات والسلطات المحلية، وتفضي إلى نجاح لكل من الجانبين.

ومن ثم، فإن تلاقي الحق في السكن الملائم مع الإنتاج الاجتماعي للموئل ليس مجرد تلاقي مفاهيمي ومجرد، بل هو تلاقي زمني وعملي وتبادلي في النهاية مع المحصلات النهائية لمنافع الناس الأكثر حاجة إليها. وهذا هو جوهر التناغم بين حركات الإنتاج الاجتماعي للموئل وحركات حقوق الإنسان في السكن. ونأمل أن يكون هذا بمثابة تدريب يساهم في القدرة والبرهنة والتضامن أيضاً بين جميع العاملين، بما فيهم مسئولي الدولة، للنجاح في المهام الجماعية لتحسين الظروف المعيشية وتقدم الحضار الإنسانية. ومن ثم يصبح عالم أخر ممكن. 

ملحق

أسئلة عن الحق في السكن الملائم لحالات الإنتاج الاجتماعي للموئل

الأسئلة التالية تشكل مساراًً للبحث في حالات الإنتاج الاجتماعي للموئل والتي يقوم فيها الموثق برصد الخبرة واضعاً في اعتباره كافة الجوانب المتعلقة بالإطار القانوني والاعتبارات المتعلقة بالحق في السكن الملائم لأغراض مقارنة واستراتيجية.

استخدام الإطار الخاص بالحق في السكن الملائم

1. هل أثار اي من الفاعلين في هذه الحالة أي حق من حقوق الإنسان، بما في ذلك الحق في السكن لملائم؟ وضح.

 

 

2. هل تم ذلك على أساس الأحكام الدستورية؟ وضح

 

 

3. هل تم ذلك على أساس التشريع المحلي؟ وضح

 

 

هل تم ذلك على أساس قانون المعاهدات الدولي. وضح

 

 

5. ماهي الإجراءات القانونية التي تم اتخاذها وأية وسائل انتصاف تم السعي إلى تفعيلها؟

ماذا كانت النتيجة؟

 

 

6. هل استخدم أي من الفاعلين في الحالة الآليات الدولية أو الإقليمية سعياً إلى تنفيذ الحقوق؟

وماذا كانت النتيجة؟

 

 

 

 

[1] For a discussion of the phenomenon of “quiet encroachment,” see Asef Bayat, Street Politics: Poor People’s Movements in Iran (Cairo: AUC Press, 1998), pp. 1–19; see also the example of Buenos Aires squatter actions and processes “circumscribed to the families’ internal and everyday organization,” in Néstor Rolando Jeifitz and Maria Carla Rodríguez, “The Self-managed Co-operative Movement in Buenos Aires and the Construction of Popular Habitat Policies,” Trialog, no. 78 (March 2003), pp. 32–38, at 32–33.

[2] Adapted from Gustavo Romero, op cit., p. 15.

[3] As Michel Foucalt has put it, in Power/Knowledge (New York: Pantheon, 1972), p. 98.

[4] Tilly emphasizes the inverse: that “democratization promotes the formation of social movements.” Charles Tilley, Social Movements, 1976–2004 (Boulder CO: Paradigm Publishers, 2004), pp. 12–13. However, he also conceded a functional mutuality between social movements and democratization features, then ultimately considers also “When and How Social Movements Promote Democratization” (pp. 140–43).

[5] John Friedman, Empowerment: The Politics of Alternative Development Cambridge: Blackwell, 1992), p. 7.

[6] Tilly, op cit.

[7] Bayat, op cit., p. 158.

[8] Sidney Tarrow, Power in Movement: Social Movements, Collective Action and Politics (Cambridge: Cambridge University Press, 1994).

[9] Diane Singerman, Avenue of Participation: Family, Politics and Networks in Urban Quarters of Cairo  (Princeton: Princeton University Press, 1995), ; Richard Scott, Domination and the Arts of Resistance: Hidden Transcripts (New Have and London: Yale University Press, 1990); Forrest Colburn, “Everyday Forms of Peasant Resistance in South-East Asia,” Journal of Peasant Studies, vol. 13, no. 2 (January 1986).

[10] Article 11 of the Covenant on Economic, Social and Cultural Rights (ICESCR).

[11] Article 2.1 of ICESCR.

[12] While the Charter of the United Nations and each human rights Covenant or Convention (Articles 1) recognize the self-determination of “peoples,” the same principle can be applied as internal self-determination by distinct communities occupying a particular territory. See, for example, the concept and term “popular sovereignty” in Carla Rodríguez, “Social Production of Habitat: A collective transformative effort” [unpublished], p. 7.

[13] Article 21 of the International Covenant on Civil and Political Rights guarantees that “every citizen shall have the right and the opportunity, without any of the distinctions mentioned in article 2 and without unreasonable restrictions: (a) To take part in the conduct of public affairs, directly or through freely chosen representatives; (b) To vote and to be elected at genuine periodic elections which shall be by universal and equal suffrage and shall be held by secret ballot, guaranteeing the free expression of the will of the electors; (c) To have access, on general terms of equality, to public service in his country.

[14] Longos Community Struggle against Force Displacements,” 38 Casos, op cit., p. 266.

[15] Ibid, p. 273.

[16] Plan Vacional de Vivienda – Vivienda para todos: Lineamentos de Politica 2003–2006, cited in Carlos Escalante, “Toward Decentralized Housing Improvement Policies in Peru,” Trialog, no. 78 (March 2003), pp. 16–25, at. 16.

[17] Paul Maquet, “El problema de la vivienda en Lima metropolitana,” CENCA (1998), cited in Carlos Escalante, op cit., 17.

[18] “Adequate housing as a component of the right to an adequate standard of living,” report by the Special Rapporteur on adequate housing as a component of the right to an adequate standard of living, Miloon Kothari, Addendum: Mission Peru, E/CN.4/2004/48/Add.1, 11 February 2004.

[19] Carlos Escalante, op cit., p. 20.

[20] De la Marginación a la Ciudadania: 38 Casos de Producción y Gestión Social del Habitat (Barcelona: Forum Barcelona 2004 and Habitat International Coalition, September 2004) [prepared for the City and Citizenship in the 21st Century Dialog at the Barcelona Forum 2004ñ hereinafter 38 Casos, p. 124.

[21] Ibid, p. 51.

[22] Ibid, p. 206.

[23] “Fondo Rotativo de Crédito para el Financiamiento de Cooperativas Habitacionales,” 38 Casos, p. 75.

[24] Cristina Almazán, “UCISV’Inhabitants Housing Program” A Social Production of Habitat Experience in Mexico,”  Trialog,  no. 78, pp. 26–31; also in 38 Casos, op cit., p. 146.

[25] 38 Casos, op cit., p. 66. The Universal Declaration of Human Rights recognizes a human right to property “ownership,” in Article 17: “1. Everyone has the right to own property alone as well as in association with others. 2. No one shall be arbitrarily deprived of his property.”

[26] 38 Casos, op cit., p. 81.

[27] “More than Housing-improvement Loans as al-Sawada Village,” Anatomies of a Social Movement (Cairo: HIC-LRN, 2004), pp. 52–62.

[28] Bedouin Unrecognized Villages of the Negev,”38 Casos, op cit., p. 238; also “’Unrecognized’ Villages of the Naqab,” Anatomies of a Social Movement (Cairo: HIC-HLRN, 2004), pp. 123–42.

[29] Concluding Observations of the Committee on Economic, Social and Cultural Rights: Israel, E/C.12/1/Add.27, 4 December 1998, para. 42.

[30] 38 Casos, op cit., p. 225; also Ánatomies of a Social Movement (Cairo: HIC-HLRN, 2004), pp. 41–52.

[31] “Dhana Valley Natural Preserve: Human Rights and Community Development,” 38 Casos, op cit., pp. 243–49; also “Ecotourism with a Social Base: The Dhana Valley Nature Preserve, Anatomies of a Social Movement, op cit., pp. 80–91.

[32] “Safat al-Laban Residents’ Initiative to Solve the Drinking Water Problem,” Anatomies of a Social Movment, op cit., pp. 31–40.

[33] Bayat, op cit., p. 83.

[34] 38 Casos, op cit., p. 316.

[35] Article 21 of the International Covenant on Civil and Political Rights.

[36] Social Production of Habitat in Anglophone Africa (Nairobi: Mazingira Institute, December 2004), p. 5.

[37] “Nairobi and Environs Food, Agriculture and Livestock Forum (NEFSALF),” Production of Habitat in Anglophone Africa (Nairobi: Mazingira Institute, December 2004), p. 6.

[38] Jeifitz and Rodríguez, op cit., p. 33.

[39] “The People’s Housing Process (PHP): The Case of Vosloorus Extension 28,” Production of Habitat in Anglophone Africa (Nairobi: Mazingira Institute, December 2004), p. 6.

[40] Chapter 2, Section 26 of the Bill of Rights of the Constitution of South Africa (1996) states that: “Everyone has the right to have access to adequate housing” and that “The state must take reasonable legislative measures, within its available resources to achieve the progressive realisation of this right.”

[41] “Provision of Adequate and Affordable Shelter through Housing Cooperatives for Low and Middle-income Communities,” Production of Habitat in Anglophone Africa (Nairobi: Mazingira Institute, December 2004).

[42] Programa de Desarollo Local y Communitario Tá Rebocado,” 38 Casos, op cit., p. 89.

[43] 38 Casos, op cit., p. 225.

[44] “Dhana Valley Natural Preserve: Human Rights and Community Development,” 38 Casos, op cit., pp. 243–49; also “Ecotourism with a Social Base: The Dhana Valley Nature Preserve, Anatomies of a Social Movement, op cit., pp. 80–91.

[45] Longos Community Struggle against Force Displacements,” 38 Casos, op cit., p. 273.

[47] For a discussion of neoliberal policies as both an impediment to adequate housing and a catalyst for SPH alternatives, see Enrique Ortíz, “Social Production of Habitat: Marginal Option or Reality-transforming Strategy,” Trialog, no. 78 (March 2003), pp. 39–43; and  Alexander Jachnow, “Changing Realities – Neo-liberalism and the NGOs of the South,” Trialog, op cit., pp. 44–48.

[48] ICESCR Article 4, and General Comment No. 7, para. 5.

[49] As the Committee on Economic, Social and Cultural Rights has reaffirmed in its “Letter to Israel,” E/1995/L21, 11 May 2001.

[50] Article 2.3 of the International Covenant on Civil and Political Rights.

[51] Article 2.3 of the International Covenant on Civil and Political Rights.

[52] As characterized by Asef Bayat, op cit.

[53] As characterized by Doug Imig and Stanley Tarrow in “Mapping the Europeanization of Contention: Evidence from a Quantitative Data Analysis,” in Doug Imig and Stanley Tarrow, eds., Contentious Europeans: Protest and Politics in an Emerging Polity (Lanham MDL Rowman & Littlefield, 2001).

[54] Social movements as advancing “contentious claims,” that are establishing new rights or “pushing the boundaries of existing rights.” Tilly, op cit., p. 55.

[55] Tilly asserts that the review of social movements (1768–2004) “shows that this particular version of contentious politics requires historical understanding. History helps because it explains why social movements incorporated some crucial features (for example, the disciplined street march) that separated the social movement from other sorts of politics. History also helps because it identifies significant changes in the operation of social movements (for example, the emergence of well-financed professional staffs and organizations specializing in the pursuit of social movement programs) and thus alerts us to the possibility of new changes in the future. History helps, finally, because it calls attention to the shifting political conditions that made social movements possible. If social movements begin to disappear, their disappearance will tell us that a major vehicle for ordinary people’s participation in public politics is waning. The rise and fall of social movements marks the expansion and contraction of democratic opportunities.” Till, Social Movements, op cit., pp. 2–3.

[56] As recently as 1984–97, a survey of 490 “contentious events” in the European Union revealed plenty of actions, but only 5% asserted claims directed at the EU and only 84 involved any crossborder coordination. Doug Imig and Stanley Tarrow, op cit., pp. 32–34. These features are changing globally out of tactical advantage/necessity to involve more claims as “rights” and far more international cooperation among movements.

[57] Tilly, op cit, pp. 3, 10–12; also Gerald F. Davis, Doug McAdam, W. Richard Scott and Mayer Zald, eds., Social Movements and Organizational Theory (Cambridge: Cambridge University Press, 2004).

[58] 38 Casos, op cit., p. 176.

[59] 38 Casos, op cit., p. 238.

[60] “Dhana Valley Natural Preserve: Human Rights and Community Development,” 38 Casos, op cit., pp. 243–49; also “Ecotourism with a Social Base: The Dhana Valley Nature Preserve, Anatomies of a Social Movement, op cit., pp. 80–91.

[61] “Provision of Adequate and Affordable Shelter through Housing Cooperatives for Low and Middle-income Communities,” Production of Habitat in Anglophone Africa (Nairobi: Mazingira Institute, December 2004).

[62] “The People’s Housing Process (PHP): The Case of Vosloorus Extension 28,” Production of Habitat in Anglophone Africa (Nairobi: Mazingira Institute, December 2004), p. 7.

[63] 38 Casos, op cit., p. 124.

[64] International human rights law does not recognize a “right to the city.” It remains a rhetorical invention of urban social movements, including SPH movements.

[65] 38 Casos, op cit., p. 45.

[66] “Transforming Tablita Market,” Anatomies of a Social Movement, op cit., pp. 9–19.

[67] YUVA and University of Tasmania, "Settlement Upgrading Manual) [Sakkardara alterantive plan] (October 2000).