إعادة إعمار غزة يجب أن تتم بقيادة فلسطينية نحو إنهاء دوامة الدمار

نحن، الموقعين على هذا الموقف، من مجموعات ومؤسسات تمثل شريحة واسعة من المجتمع المدني الفلسطيني في فلسطين والمنفى نؤكد على المبادئ والمطالب الأساسية التي يجب أن توجّه عملية التعافي وإعادة الإعمار في غزة ومستقبل فلسطين بشكل عام، والتي يجب أن تنبثق من رؤية فلسطينية تضع احتياجات الشعب الفلسطيني في صلبها، وتستند إلى مشاورات محلية ومبادئ متفق عليها تشمل شبكات مؤسسات فاعلة على الأرض، وأن تقودها منظومة سياسية فلسطينية شرعية وشاملة.


إن هذا هو السبيل الوحيد لضمان صمود الشعب الفلسطيني على أرضه، وتحقيق الإغاثة والتعافي في غزة بما ينسجم مع حقوقه الأساسية في تقرير المصير والعودة. إن أي انحراف عن هذه المبادئ والمطالب في الخطط التي تطرحها دول خارجية سيؤدي إلى ترسيخ الهيمنة الاستعمارية والسيطرة الأجنبية وحرمان الفلسطينيين من حقوقهم.


لأكثر من عام ونصف، يواصل نظام الاستعمار الصهيوني ارتكاب إبادة جماعية ضد شعبنا في غزة، بهدف التدمير والتهجير وسلب الأراضي. أما الدمار الهائل الذي خلّفته الإبادة الجماعية، والسنوات الطويلة التي ستستغرقها عملية التعافي وإعادة الإعمار، فلا يمكن تعويضها أو تجاوزها إلا من خلال تحرير شعبنا من نير الاستعمار والفصل العنصري والاحتلال.


في خضم هذه المعاناة، يصمد شعبنا شامخًا، متمسكًا بكرامته ومستمرًا في مقاومته ونضاله نحو تقرير المصير، مُتصديًا بذلك لمحاولات التطهير العرقي واستيلاء النظام الاستعماري الاستيطاني على الأراضي الفلسطينية.

لطالما شهد الشعب الفلسطيني على مدار عقود من الزمن التدخلات والأجندات الأجنبية المفروضة، وما يسمى بعمليات السلام التي قوضت حقوقه الأساسية وخدمت المصالح الاستعمارية الصهيونية، مما أدى إلى تدمير غزة والتطهير العرقي المكثف الحالي في جميع أنحاء فلسطين.

إن الولايات المتحدة، المزود الأساسي للدعم العسكري والسياسي اللازم لدولة الاحتلال لارتكاب جرائمها مع الإفلات التام من العقاب، تعمل الآن تحت إدارة ترامب على تطبيع مساعي إسرائيل في الإبادة الجماعية التي فشلت في تحقيقها حتى الآن: التطهير العرقي الجماعي لشعبنا الفلسطيني في غزة، بينما تواصل سلطات الاحتلال عدوانًا مماثلًا ضد شعبنا في الضفة الغربية. في الوقت ذاته، يجب أن تلتزم الخطط العربية، مثل تلك التي أُقرت في الرابع من مارس/آذار في القاهرة، بالمبادئ والمطالب التالية لكسر حلقة الدمار وضمان حقنا غير القابل للتصرف في تقرير المصير.

مبادئنا ومطالبنا الرئيسية


يجب أن يقود الفلسطينيون، وخاصة في غزة، جهود الإغاثة والتعافي وإعادة الإعمار من خلال خطط يضعونها بأنفسهم، وبمشاركة واسعة من مختلف مكونات المجتمع الفلسطيني وأصحاب الشأن، في إطار يضع تحرير فلسطين في صلب الأولويات. ويجب أن يكون الهدف النهائي لأي خطة إعادة إعمار هو رفع الحصار عن غزة بالكامل، وضمان السيادة الفلسطينية على الأرض، وإنهاء النكبة المستمرة، وضمان حق العودة غير القابل للتفاوض والمكرّس في القانون الدولي سواء إلى غزة أو إلى الأراضي التي هُجّر الفلسطينيون منها منذ نكبة عام 1948. وأي اقتراح لا يعالج هذه الأسباب الجذرية، مثل المبادرات المتداولة حالياً، هو مسعى خفي لإدامة النظام الاستعماري الاستيطاني.

وعليه، نعيد تأكيد مطالبنا التالية:

إلى أبناء شعبنا وحلفائنا في العالم


صمود الشعب الفلسطيني هو الأولوية: ندعو كل الفلسطينيين داخل فلسطين إلى التمسك بصمودهم البطولي، وندعو جميع الفلسطينيين في الشتات وحلفاءنا إلى بذل كل ما في وسعهم لدعم الصمود الفلسطيني كآلية قوية في مقاومة التهجير القسري.


إلى القيادة السياسية الفلسطينية


المصالحة والوحدة الوطنية هي الأولوية: ندعو القيادة السياسية الفلسطينية إلى تشكيل جبهة فلسطينية موحدة بشكل فوري، قادرة على تحديد التهديدات الخطيرة والوشيكة التي تواجه شعبنا والتصدي لها، بما في ذلك من خلال تنفيذ إعلان بكين، وأن تعمل بشكل عاجل على تنفيذ الخطوات التالية:

  • تشكيل آلية وطنية مؤقتة لإدارة عمليات التعافي والإغاثة العاجلة في غزة، بحيث تكون شاملة في عملية صنع القرار والحوكمة لفئات واسعة من المجتمع المدني الفلسطيني، خاصة في غزة، بما في ذلك المنظمات القاعدية والمجتمعية، والعاملين والخبراء في القطاعات المختلفة، والقطاع الخاص.

  • فتح المسار الفوري أمام قيادة فلسطينية منتخبة ضمن إطار ديمقراطي، تمثل الشعب الفلسطيني في فلسطين والشتات، من خلال انتخابات شاملة وجامعة.

  • إنشاء آلية دولية داعمة، لا وصائية، تضم مجموعة متنوعة من الدول ومن حلفاء القضية الفلسطينية، خاصة من دول الأغلبية العالمية، للإشراف على تنفيذ هذه المبادئ والمطالب.

إلى حكومات المجتمع الدولي

  • الضغط باتجاه احترام وقف إطلاق النار والانسحاب الإسرائيلي الكامل من غزة: يجب على جميع الدول أن تمارس ضغوطا أكبر على النظام الاستعماري الإسرائيلي لضمان إنهاء الإبادة الجماعية واحترام اتفاق وقف إطلاق النار في جميع مراحله، مع الانسحاب الكامل لقوات الاحتلال من غزة، والتدفق غير المشروط للسلع والأشخاص، وكذلك تحرير الأسرى والأسيرات من سجون الاحتلال.
  • فرض العقوبات ومحاسبة مجرمي الحرب: يجب على جميع الدول الوفاء بالتزاماتها في التعاون لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني، بما في ذلك من خلال فرض العقوبات الدبلوماسية والاقتصادية وحظر الأسلحة على دولة الاحتلال، وفقًا لما شددت عليه فتوى محكمة العدل الدولية في يوليو 2024 وقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 2024؛ وتحمّل مسؤولياتها بموجب نظام روما الأساسي واتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها من خلال مساءلة مجرمي الحرب الإسرائيليين والمتورطين في جرائمهم.

  • ضمان السيادة والإرادة الفلسطينية وحق تقرير المصير: يجب على جميع الدول، ولا سيما الدول العربية، ألا تمضي قدمًا في خطط لم يحددها الفلسطينيون، وبشكل خاص من قبل أهل غزة، بما يشمل المجتمع المدني، والمنظمات القاعدية، والسلطات المحلية، والعاملين في القطاع الصحي، ومؤسسات القطاع الخاص. ويمكن أن تعتمد على المبادرات الفلسطينية القائمة، التي تقدّم رؤى حيوية متجذرة في السيادة الفلسطينية، وتعكس معرفة وإبداع الفلسطينيين، مثل خطة "فينيق غزة". ولا يمكن قيادة أي خطة وتنفيذها إلا من قبل قيادة فلسطينية منتخبة ديموقراطيًا.

  • معالجة الأسباب الجذرية: يجب على الدول أن تضمن أن أي خطة لإعادة إعمار غزة تهدف في نهاية المطاف إلى تحرير الشعب الفلسطيني من دائرة الدمار الإسرائيلي المستمر. ويستلزم ذلك إعطاء الأولوية لإنهاء أنظمة القمع الهيكلية، وفقًا للمبادئ التي تم التأكيد عليها سابقًا، لضمان إعمال الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني.

البيان الأصلي مفتوحة للتوقيع عليه

صورة: منظر تم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي لتعافي غزة وفقًا للخطة التي اعتمدتها جامعة الدول العربية.