التدابیر التحفیزیة المتعلقة بفیروس كوفید-19 یجب أن تنقذ الأرواح وتحفظ سبل العیش وتحمي الطبیعة من أجل تقلیل خطر انتشار الأوبئة في المستقبل

ھناك نوع واحد من المخلوقات یتحمل مسؤولیة انتشار وباء كوفید-19، ألا وھو أنفسنا. فمثلما ھو الحال في أزمتي المناخ والتنوع البیولوجي، عد الأوبئة الحالیة نتیجة مباشرة للنشاط البشري – ولا سیما أنظمتنا المالیة والاقتصادیة العالمیة، التي تستند إلى نموذج مباشرة ُعد الأوبئة الحالیة نتیجة البیولوجي، ت ضئیلة سانحة للتغلب على التحدیات التي تواجھنا في الأزمة ثمن النمو الاقتصادي مھما كانت التكلفة. لكننا نمتلك فرصة محدود ی الراھنة، من أجل تجنب زرع بذور الأزمات المماثلة في المستقبل.

وتتسبب الكائنات الحیة الدقیقة التي تصیب أجسادنا في أمراض على شاكلة فیروس كوفید-19، مع نشأة أكثر من 70% من جمیع الأمراض الناشئة التي تؤثر على البشر في الحیاة البریة ومن الحیوانات الألیفة. ومع ذلك، تحدث الأوبئة بسبب الأنشطة التي تضع أعدادا متزایدة من البشر في اتصال مباشر وصراع في أغلب الأحیان مع الحیوانات التي تحمل مسببات الأمراض ھذه.

وقد أدت أنشطة إزالة الغابات المتفشیة، والتوسع غیر المنضبط في الزراعة، والزراعة الكثیفة، والتعدین وتطویر البنیة التحتیة، وكذلك استغلال الأنواع البریة إلى تكوین ع اصفة مثالیة لامتداد الأمراض من الحیاة البریة إلى البشر. وغالبا ما یحدث ذلك في المناطق التي تعیش بھا المجتمعات الأكثر عرضة للإصابة بالأمراض المعدیة.

لقد أثرت تصرفاتنا تأثیر ا كبیرا في أكثر من ثلاثة أرباع سطح الأرض، حیث دمرت أكثر من 85% من الأراضي الرطب ة وخصصت أكثر من ثلث الأراضي بالكامل و75% تقریبا من المیاه العذبة المتاحة للمحاصیل والإنتاج الحیواني.

أضف إلى ذلك التجارة غیر المنظمة في الحیوانات البریة والنمو الھائل للسفر الجوي العالمي لیصبح من الواضح كیف أصاب الفیروس، الذي كان ینتشر دون ضرر سابقاً بين الخفافیش في جنوب شرق آسیا، أكثر من 2 ملیون شخص تقریبا حالیا، مسببا معاناة ا بشریة لا توصف وتوقف وتوقفأ للاقتصادیات والمجتمعات حول العالم. فھذا ما جنتھ ید الإنسان في ظھور ھذا الوباء.

لكن ھذه قد تكون مجرد البدایة فحسب. فبالرغم من أن الأمراض التي تنتقل من الحیوانات إلى البشر تتسبب بالفعل في معدل وفیات ُعتقد أن ھناك ما یصل إلى ُقدَّر بـ700000 حالة وفاة سنویا، ھناك إمكانیة لانتشار الأوبئة في المستقبل على نطاق شاسع. حیث ی ی 7.1 ملیون فیروس مجھول الھویة من النوع المعروف بإصابتھ للبشر لا یزال موجودا في الثدییات والطیور المائیة. ویمكن أن یكون أي فیروس من ھذه الفیروسات ھو المرض س القادم، ومن المحتمل أن یكون أكثر دمارا وفتكا من فیروس كوفید-19.

من المرجح أن تظھر الأوبئة في المستقبل بشكل أكثر تواترًا، وأن تنتشر بشكل أسرع، وأن تترك تأثیر ا اقتصادیا أكبر وتحصد أرواح المزید من البشر ما لم نعبأ بشدة بالتأثیرات المحتملة للخیارات التي نتخذھا الیوم.

إننا نحتاج على وجھ السرعة إلى التأكد من أن الإجراءات التي تتخذ لتقلیل آثار الوباء الحالي لیست ھي نفسھا ما تعظم مخاطر تفشي الأمراض والتعرض للأزمات في المستقبل. وھناك ثلاثة اعتبارات مھمة یجب أن تكون محور خطط الانتعاش والتحفیز الاقتصادي المقدرة بعدة تریلیونات من الدولارات التي یجري تطبیقھا بالفعل.

أولاً، یتعین علینا ضمان تقویة اللوائح البیئیة وإنفاذھا – وتوزیع حزم التحفیز التي تقدّم حوافز للأنشطة الأكثر استدامة ذات الأثر، یتعین علینا ضمان تقویة اللوائح البیئیة وإنفاذھا – وتوزیع حزم التحفیز التي ت أولا الإیجابي على الطبیعة. وقد یكون من الملائم سیاسیا في ھذا الوقت تخفیف المعاییر البیئیة ودعم الصناعات، مثل: الزراعة المكثفة، والنقل لمسافات طویلة مثل شركات الطیران، وقطاعات الطاقة المعتمدة على الوقود الحفري، إلا أن القیام بذلك دون الحاجة إلى إجراء تغییر عاج ٍ ل وشامل، یدعم بشكل أساسي ظھور الأوبئة في المستقبل.

ثانیا، یجب علینا تطبیق نھج الصحة الواحدة على جمیع مستویات اتخاذ القرار – من المستوى العالمي إلى المستوى الأكثر بدایة ما تضع إدارات الغابات، على سبیل محلیة – مع إدراك الترابط المعقد بین صحة البشر، والحیوانات، والنباتات وبیئتنا المشتركة. فعادة المثال، س ٍ یاسة تتعلق بإزالة الغابات، لتعود الأرباح بشكل كبیر إلى القطاع الخاص – لكن الأنظمة الصحیة العامة والمجتمعات المحلیة ھي التي تدفع غالبا ثمن تفشي الأمراض الناجمة عن ذلك. وسیضمن نھج الصحة الواحدة اتخاذ قرارات أفضل تضع في حسبانھا تكالیف إجراءات التنمیة وعوا قبھا على المدى الطویل - بالنسبة إلى البشر والطبیعة.

ثالثا، یتعین علینا تمویل الأنظمة الصحیة وتوفیر الموارد لھا بشكل ملائم والتشجیع على تغییر السلوكیات في الخطوط الأمامیة لمواج خطر الوباء. ویعني ذلك حشد تمویل دولي لبناء القدرات الصحیة في الأماكن شدیدة التعرض للأمراض الناشئة، مثل العیادات؛ وبرامج المراقبة لا سیما بالشراكة مع الشعوب الأصلیة والمجتمعات المحلیة؛ ومسوحات المخاطر السلوكیة؛ وبرامج التدخل المحددة. ویستتبع ذلك أیضا توفیر بدائل قابلة للتطبیق ومستدامة للأنشطة الاقتصادیة عالیة المخاطر وحمایة صحة ا ا. وھذا لیس لأشخاص الأكثر ضعف إیثار بمفھومھ البسیط، لكنھ استثمار حیوي في مصالح الجمیع لمنع تفشي الأمراض عالمیا في المستقبل.

ربما الأھم من ذلك، أننا نحتاج إلى تغیر تحویلي – وھو النوع الذي تم تسلیط الضوء علیھ العام الماضي في تقریر التقییم العالمي للمنبر الحكومي الدولي للعلوم والسیاسات في مجال التنوع البیولوجي وخدمات النظم الإیكولوجیة (IPBES) (التقریر الذي توصل إلى وجود ملیون نوع من النباتات والحیوانات معرضین لخطر الانقراض في العقود القادمة): إعادة تنظیم أساسیة على نطاق المنظومة من خلال العوامل التكنولوجیة والاقتصادیة والاجتماعیة، بما في ذلك النماذج والأھداف والقیم، وتعزیز المسؤولیات الاجتماعیة والبیئی ة ا بالثمن الذي ندفعھ بالفعل حالیا.

إن الاستجابة لأزمة فیروس كوفید-19 تتطلب منا جمیع ٍ بقاء الأمور على حالھا. فیمكننا إعادة البناء بشكل أفضل والخروج من الأزمة الحالیة أقوى وأكثر مرونة من ذي قبل – لكن القیام َّ ومن ثم بذلك یعني اختیار سیاسات وإجراءات تحمي الطبیعة – یمكن للطبیعة المساعدة على حمایتنا.

للاستفسارات والمقابلات الشخصیة، رجى التواصل على: net.ipbes@media

ملحوظة : على الرغم من تعمیم ھذا المقال وإنتاجھ بدعوة من المنبر الحكومي الدولي للعلوم والسیاسات في مجال التنوع البیولوجي وخدمات النظم الإیكولوجیة (IPBES،(فإن المقال الوارد أعلاه لیس منتج ا رسمیا للمنبر الحكومي الدولي للعلوم والسیاسات في مجال التنوع البیولوجي وخدمات النظم الإیكولوجیة (IPBES - (لكنھ یعبر عن رأي المؤلفین الأربعة بصفتھم الشخصیة كخبراء بناء ّ عالمی - على نتائج تقاریر التقییم للمنبر الحكومي الدولي للعلوم والسیاسات في مجال التنوع البیولوجي وخدمات النظم ِین رائدین الإیكولوجیة IPBES)) المعتمدة. ویجري العمل حالیا على ثلاثة تقییمات للمنبر الحكومي الدولي للعلوم والسیاسات في مجال التنوع البیولوجي وخدمات النظم الإیكولوجیة (IPBES (ذات علاقة مباشرة بالأزمة الحالیة وانتشار الأوبئة في المستقبل وھي: تقییم عن الاستخدام المستدام للأنواع البریة؛ وآخر عن الأنواع الدخیلة الغازیة، وتقریر عن السبل المختلفة لاستیعاب القیم المتعددة للطبیعة. لقد بدأ العمل للتو كذلك على تحدید نطاق تقییم العلاقات للمنبر الحكومي الدولي للعلوم والسیاسات في مجال التنوع البیولوجي وخدمات النظم الإیكولوجیة ( ( (IPBES) بشأن الروابط القائمة بی ن التنوع البیولوجي والمیاه والغذاء والصحة في سیاق تغیر المناخ.

المقالة الأصلية

  • رئیس مشارك في تقریر التقییم العالمي بشأن التنوع البیولوجي وخدمات النظم الإیكولوجیة لعام 2019 الخاص بالمنبر الحكومي الدولي للعلوم والسیاسات في مجال التنوع ا لبیولوجي وخدمات النظم الإیكولوجیة ((IPBES، الذي توصل إلى وجود ملیون نوع من النباتات والحیوانات، إجمالا، معرضین لخطر الانقراض في غضون بضعة عقود.
  • رئیس مؤسسة إیكوھیلث ألاینس وخبیر تحدید النطاق في تقییم العلاقات بشأن الروابط القائمة بین التنوع البیولوجي والصحة والغذاء 2 والحیوانات، إجمالا، معرضین لخطر الانقراض في غضون بضعة عقود. الجدید الخاص بالمنبر الحكومي الدولي للعلوم والسیاسات في مجال التنوع البیولوجي وخدمات النظم الإیكولوجیة ((IPBES.
  • الصورة في الصفحة الأولى: الغابات المطيرة تحت الدمار. المصدر: Flavio Forner / Conservation International. الرسم في هذه الصفحة: شبكة ثنائية تظهر أنواع الثدييات البرية والمدجنة ورابطاتها من الفيروسات الحيوانية. ترتبط الأنواع المضيفة التي تأوي نفس الفيروس الحيواني بفيروسات حيوانية مشتركة (العقد الرمادية). يتم تلوين عقد الأنواع الثديية من خلال حالة التدجين والترتيب التصنيفي للحياة البرية غير المستأنسة كما هو موضح. حجم عقدة الأنواع نسبي لثراء فيروس حيواني محسوب في تلك الأنواع. لا يتم عرض البشر الذين يستضيفون جميع الفيروسات. المصدر: الجمعية الملكية بلندن.

    ثيمات
    • إدارة مشروعات
    • الأبحاث
    • الاتصالات والنشر
    • البيئة المستدامة
    • التخطيط للمناطق الحضرية
    • التخطيط للمناطق الريفية
    • التشريد
    • الحوادث
    • الزراعة
    • السياسات العامة
    • العلوم التكنولجية
    • الغذاء ( الحق، السيادة، الأزمة)
    • المشاريع العملاقة
    • المشاعات
    • المصابين بالأوبئة، الأمراض
    • المعيشة
    • الموازنات والبرامج العامة
    • الوصول إلى الموارد الطبيعية
    • تدمير الموئل
    • تغير المناخ
    • دولي
    • مؤتمرات الموئل