مرت أيام وأسابيع منذ أن أعلنت عشرات الأسر من ضحايا مشاريع القضاء على السكن غير اللائق بالمنطقة السكنية الجديدة المحاميد بمراكش على ركوب قطار الاعتصام أمام باشوية المنارة، دون أن تجد قضيتهم طريقها إلى الحل، ليجبروا بذلك على الاستمرار في افتراش الأرض والتحاف السماء، لحين إنصافهم وتمكينهم من حقوقهم.

مأساة عمرت -كما تؤكد الوثائق الرسمية- منذ أبريل 2012، حين تم توقيع محضر اجتماع بخصوص بلوك 31،34،35/1 و35/2، دوار ليموري وبلوك 21 لمحاميد، حمل توقيع ممثلي مختلف المصالح المعنية، وحدد خارطة طريق استفادة الساكنة من مشروع الهيكلة وإعادة الهيكلة، و«إعادة دراسة التصميم من أجل تدارك الإكراهات المسجلة بخصوصه”.

أخلفت السلطات المحلية ومؤسسة العمران الوعد، ورمت العديد من الأسر المستهدفة بسياط التنكر والنكران، قبل أن تشرع بعدها في اعتماد بعض “التخريجات” السريالية التي تصب في مجملها في خانة در الرماد في العيون، من قبيل سن سياسة أطلق عليها اسم “الإدماج” حيث يتم حشر أسرتين أو ثلاثة في بقعة أرضية تتراح ما بين 80 و90 مترا مربعا، ويقوم المستفيدون بتقسيمها إلى ثلاثة أجزاء، كل يؤسس عليها بناية تشبه البرج ضمن مساحة لا تتجاوز 30 مترا مربعا، وبالتالي فسح المجال أمام استبدال أبنية عشوائية بأخرى أكثر عشوائية.

اختلالات وتجاوزات، شكلت من يومها فتيل توتر واحتقان اجتماعيين، وظلت الأسر المتضررة تواجه مصير التشرد والضياع بعد هدم بيوتها دون حمايتها بتغطية بدائل تحفظ كرامتها وإنسانيتها، مع الاحتماء باحتجاجات متواصلة انتهت إلى تنظيم اعتصام أمام الباشوية لازال مستمرا لحد متابعة هذه السطور، حيث تجتمع الأسر صحبة أبنائها وأطفالها بهذا الفضاء في ظروف مزرية، تتقاسم الخبز والشاي، فيما الجهات المسؤولة تقف موقف المتفرج، وتكتفي بتوزيع الوعود العرقوبية، وكل جهة ترمي بكرة المسؤولية في مرمى الجهة الأخرى.

مشكل، كثيرا ما أحرج بعض المسؤولين الذين تعاقبوا على تسيير الشأن المحلي بمراكش، دون أن يتمكنوا من إيجاد الترياق المناسب لنزع سم هذه الأضرار.

وكان آخر مشهد في هذا السياق حين إقدام العمدة السابقة وبعض نوابها على تنظيم زيارة تفقدية للأوراش المبرمجة ضمن مشروع “مراكش: حاضرة متجددة”، فوجد الجمع أنفسهم محاصرين وسط زحمة احتجاجات بعض الأسر والعوائل المتضررة والتي هدمت بيوتها العشوائية منذ يونيو المنصرم، وتركت من يومها لتواجه مصير التشرد والضياع في انتظار تمكينها من العقارات البديلة.

أصيب المسؤولون المعنيون بمرارة إحراج شديد، أجبروا على تجرع مرارته الممزوجة بطعم الإهانة، فسارعوا بتوجيه فوهات بنادق احتجاجتهم نحو صدر الجهة المسؤولة التي وضعتهم في هذا الموقف.

سارعت العمدة ورئيس مقاطعة المنارة بمطالبة والي الجهة بالدعوة لاجتماع طاريء عقد يوم الجمعة بمقر الولاية، حضره مدير العمران مخفورا بطاقمه التقني والإداري، حيث لم يتردد المعنيان في إطلاق سهام احتجاجاتهما معتبرين موقف إدارة العمران المتخاذل وتنكرها لكل التزامتها الخاصة بالتجمعات السكنية المبرمجة ضمن مشاريع محاربة السكن غير اللائق.

امتد الاحتجاج بالعمدة إلى رفع راية التهديد في وجه مدير العمران، والتلويح باستعدادها لنهج سياسة هدم الهيكل على رؤوس الجميع عبر دعوتها إلى اجتماع طارىء للمجلس الجماعي لاتخاذ قرار تجميد كل الشراكات مع المؤسسة ووقف التعامل معها في جميع المشاريع الخاصة بمحاربة السكن غير اللائق.

مسؤولو العمران لم يترددوا بدورهم في التلويح بمعطيات وحقائق اعتبروها أسبابا حقيقية وإكراهات واقعية، ظلت تقف حجر عثرة في طريق تفعيل مشروع القضاء على السكن غير اللائق بعموم فضاءات بهجة الجنوب.

فمن أصل 493 هكتارا المتفق على تعبئتها لتفعيل البرنامج منذ سنة 2011، لم يتم تعبئة لحد كتابة هذه السطور سوى 54 هكتارا فقط، ما يؤشر على حجم الهوة التي تفصل بين الأقوال والأفعال، وبين البرمجة النظرية وواقع الحال.

الساكنة المتضررة، اعتبرت كل هذه التبريرات مجرد هروب للإمام، ودليلا على تواطؤ جميع الجهات ضدها، مع الدفع بكون عملية الهيكلة وإعادة الهيكلة عرفت الكثير من التلاعبات والاختلالات، وسمحت باستفادة أشخاص غرباء عن التجمعات المستهدفة، كما أن المشاريع كانت مجالا لمضاربات وتلاعبات انتهت بلهف الأوعية العقارية المخصصة، وهدر الاعتمادات المرصودة، لتنقش سحب الحقيقة عن إهدار حقوق المستحقين، ورميهم بأسباب تبريرات ما أنزلت بها الطريقة التي اعتمدت في تفعيل المشاريع من سلطان.

المصدر الأصلي

ثيمات
• أمن الحيازة
• إقليمي
• التمييز
• الحق في المدينة
• الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية
• المناطق غير الرسمية
• ترميم/ تحسين السكن حقوق السكن
• حقوق السكن
• محدودي الدخل
• واضعي اليد