لأكثر من عشرة أيام، ولا يزال الاحتلال الإسرائيلي يقصف بشدة قطاع غزة، منذ العملية العسكرية التي قادتها المقاومة الفلسطينية الإسلامية، لكل من الجناح العسكري لحركة حماس، وكتائب عز الدين القسام، في صباح السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وشنت هجوما مسلحاً غير مسبوق، بإطلاق أكثر من 5000 صاروخ، ومشاركة 2000 مقاتل فلسطيني، باتجاه 22 موقعاً في المنطقة المحيطة بقطاع غزة، ومن بينها القواعد العسكرية الإسرائيلية، والمستوطنات الإسرائيلية المتاخمة للحدود مع قطاع غزة، ومن بينها، عسقلان، وزيكيم وسديروت، وكفار عزة، وناحال عوز، وكيرم شالوم، وأوفاكيم. ما أسفر عن 1300 قتيل، وأكثر من 3000 جريح، معظمهم من المدنيين، وما يقرب من 250 شخصاً، احتجزتهم حركة حماس، كرهائن وأسرى إلى قطاع غزة.
وفي رد انتقامي مباشر، أدى القصف العشوائي الإسرائيلي لغزة، إلى مقتل أكثر من 3,785 مدنياً، من بينهم 1,524 طفلاً، وجرح أكثر من 12,493 شخصاً، و لايزال المئات من الأسر والأفراد إما في عداد المفقودين أو عالقين تحت الأنقاض، إضافة إلى تشريد أكثر من مليون شخص، أي ما يقرب من نصف سكان قطاع غزة ككل، من بينهم 600,000 فلسطيني أصبحوا نازحين داخلياً، بسبب الأعمال العدائية الإسرائيلية. وقد أدى الاستهداف الواسع النطاق والممنهج، للممتلكات والمباني المدنية، إلى تدمير 8840 منزلاً، وإلحاق أضرار جسيمة ب5434 وحدة سكنية، وأصبحت غير صالحة للسكن، فيما تم تدمير مرافق المياه والصرف الصحي، وغير ها من البنية التحتية المدنية الأخرى، ومن بينها 24 مستشفى وغيرها من مرافق الرعاية الصحية.
ويدين بشدة التحالف الدولي للموئل- شبكة حقوق الأرض والسكن، العنف الذي تمارسه السلطات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني، والذي لم يتم إيقافه إلى الآن، وقد يرقى إلى التطهير العرقي لأكثر من مليون فلسطيني من قطاع غزة، وإجبارهم على ترك منازلهم، نتيجة استهدافهم بأسلحة محظورة ومحرمة على المستوى الدولي والأخلاقي والإنساني.
وقد حذرت شبكة حقوق الأرض والسكن، والتحالف الدولي للموئل، مراراً وتكراراً، من سلسلة الفظائع المستمرة التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي، منذ أمد طويل ضد الشعب الفلسطيني، ومن بينها سياسية العقاب الجماعي التي أجبر سكان قطاع غزة على تحملها، من خلال الحصار الكامل والذي يستمر منذ أكثر من 16 عاماً، والأزمة الإنسانية التي كانت شديدة في الماضي، وأصبحت حالياً في حالة حجرة للغاية. وعلى مر السنوات لفتنا الانتباه مراراً وتكراراً، إلى الجرائم الخطيرة التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي "كعقيدة عسكرية"، واستمراره في حرمان الفلسطينيين، من حقهم في الموئل بل وتدميره، بما يشمل أرضهم ومساكنهم، وسبل معيشتهم، فضلاً عن عدم اتخاذ معظم الدول الغربية، والمجتمع الدولي، تدابير فعالة من أجل الانتصاف وجبر الضرر لشعب الفلسطيني.
وقدمنا بشكل مستمر، العديد من التقارير، والتحذيرات من بشأن التمييز المادي المؤسسي، وممارسات نقل السكان ونزع الممتلكات، والاضطهاد الذي يواجهه الشعب الفلسطيني، جراء تلك التدابير والتي ترقى إلى مستوى جريمة الفصل العنصري (الأﭘارْتْهَيت). فقد كان الهدف الدائم للاستعمار الصهيوني، هو إنهاء وجود الشعب الفلسطيني الأصلي، والاستيلاء على أراضيهم. وكما هو الحال دائماً، فإن مصادرة الأرض ونزع ملكيتها من الفلسطينيين، يعني إنكار حقها غير القابل للتصرف في تقرير المصير. ولانزال نذكر جميع الدول بواجبها في الوفاء بحق الفلسطينيين في تقرير المصير، في حين تحمل إلتزاماتها الفردية والجماعية، داخل حدود ولايتها القضائية والإقليمية، أو خارج حدودها، لإنهاء ذلك الوضع غير المشروع والذي طال أمده.
وتأتي تلك الموجة الحالية من الهجوم الإسرائيلي المميت، بعد عام واحد من إطلاق مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالحق في السكن الملائم دعوته في أكتوبر 2022 لحث الدول على التعامل مع جريمة "الإهلاك السكني" (Domicide)، باعتبارها جريمة دولية، ودعوته الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى " الاعتراف بالتدمير التعسفي الشامل والواسع النطاق، لمنازل المدنيين، في أثناء النزاعات العنيفة، كجريمة بموجب القانون الدولي".
ويكرر التحالف الدولي للموئل- شبكة حقوق الأرض والسكن، دعوتها مرة أخرى، ويحثان جميع الدول - بما في ذلك الدعم اللامتناهي من قبل الولايات المتحدة، واستجابتها المتحيزة - على إنهاء نقل الأسلحة، والامتناع عن ذلك، إلى سلطات الاحتلال الإسرائيلية، والتي تستخدمها في ارتكاب، أو تسهيل ارتكاب، انتهاكات أو تجاوزات جسيمة لحقوق الإنسان، وفق القانون الدولي لحقوق الإنسان، أو الانتهاكات الجسيمة وفقاً للقانون الإنساني الدولي، والتي تشكل جرائم حرب.
ويدعو التحالف الدولي للموئل، إلى إنهاء الوضع الراهن، الذي يُحتجز فيه الشعب الفلسطيني في أكبر سجن مفتوح في العالم، جراء سياسات التوسع الاستيطاني غير القانوني، وممارسات العقاب الجماعي لسكان قطاع غزة من خلال تدمير المنازل، والبنية التحتية المدنية، والاستهداف الممنهج والمؤسسي، وعمليات الإخلاء القسري، ومصادرة الممتلكات، والتي تُمارس دون تمييز بين المدنيين والجماعات المسلحة. كما يدعو التحالف وشبكة حقوق الأرض والسكن، الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، إلى الوفاء بمسؤولياتهم، وبشكل عاجل، في معالجة الأسباب الجذرية للصراع، ووقف العمل العسكري الوحشي المستمر الذي تقوم به سلطات الاحتلال الإسرائيلي ضد النساء والرجال والأطفال الفلسطينيين.
أكتوبر/تشرين الأول 2023
ثيمات |
• إقليمي • الإخلاء القسري • التشريد • الحوادث • المقرر الأممي الخاص المعني بالحق في السكن الملائم • النازحين • تدمير الموئل • حقوق الإنسان • حملة تضامنية • شعوب تحت الاحتلال • منظومة الأمم المتحدة |